المدونة

نسخة منقحة يونيو 2021

لم تكن لدى مصر رؤية واضحة لاستراتيجية العمل العسكري، فالخطة “قاهر” الدفاعية من اجل الرد على أي هجوم على سيناء والحدود الشرقية لم تكن واضحة ولم تُجر عليها تدريبات فعلية، كما لم يتم تنغيمها عملياتيًا مع خطط الطيران “فهد” أو مع خطط السيطرة القطاعية على غزة، ولم تتلق القوات أي تدريبات مناسبة على الأسلحة التي كان بعضها في المخازن ومنها طائرات في الصناديق، كما لم يسع الجيش إلى رفع مهاراته العسكرية منذ سنوات، ولم يكن هناك تنسيق حقيقي بين السياسيين والعسكريين (حتى بغض النظر عن أن معظم رجال السياسة كانوا عسكريين ورجال مخابرات وأمن سابقين)؛ الخلاصة: تضاربت مستويات القيادة وسيطرت حالة خوف وسلبية على قوات الجيش، وأغلبهم من جنود الاحتياط الذين لم يتلقوا تدريبات جيدة ولم تتلق وحداتهم خططًا واضحة للتحرك أو القتال. 

وبين 15 مايو والخامس من يونيو غيَّر المشير عامر خطط القتال أربع مرات، مما أنهك القوات الميدانية التي تحرّك بعضها عدة مرات شمالًا وجنوبًا وشرقًا وغربًا، وباتت الرؤية العسكرية والعملياتية غير واضحة للجميع. وأظهرت التطورات عدم وجود استراتيجية عسكرية ثابتة “حيث أن التخطيط لم يتعد ردود الفعل لأعمال ومبادرات ومعلومات خداعية يقوم بها العدو ومن يسانده”. مثلًا أمر المشير عامر يوم 25 مايو بتنفيذ الخطة الجوية “أسد” لعزل منطقة النقب الجنوبي عن باقي إسرائيل اعتبارًا من فجر 27 مايو، ولكنه تراجع بعد ساعتين عقب لقاء طويل مع عبد الناصر. كانت معلومات قوية قد وصلت لإسرائيل عن هذه الضربة الجوية، فنقلتها إلى الولايات المتحدة، التي استدعت السفير المصري، الذي أرسل بدوره برقية عاجلة إلى القاهرة ينقل فيها انزعاج واشنطن الشديد. كل هذا لم يكن عبد الناصر يعلم عنه شيئًا، لكن برقية السفير واجتماع عامر أفهماه أن معلومات إسرائيل صحيحة، وأنه لم يكن يعلم بأمر هذا الهجوم الجوي.[1]

ويقول قائد قوات شرم الشيخ عبد المنعم خليل ان هيئة تفتيش القوات المسلحة ركزت في مرورها على الوحدات على أهمية الكتب والنشرات واللوحات والشعارات التي نشطت عليها إدارة الشؤون المعنوية للقوات المسلحة “مما دعا القادة على جميع المستويات إلى تركيز اهتمامهم على عمل ديكورات وزينات في صالات التوجيه المعنوي، وكانت كمعارض أو حفل عرس ولا تُفتح إلا في أثناء التفتيش والزيارات الرسمية للقادة الكبار … وكان القادة يمولون هذه المعارض من أموال كناتين الوحدات كبند رئيسي لمصروفات حتى تظهر بالمظهر اللائق للوحدة  وينال القائد بها ثقة رؤسائه.” 

وتغيرت الخطط على الأرض “يوما بعد يوم بل أكثر من مرة في اليوم لأن وصول وحدات جديدة بطريقة مفاجئة يحتم تعديل الخطة وطلب تصديق جديد عليها من المشير عامر … وعلى سبيل المثال … [هبطت] طائرتا نقل في شرم الشيخ قبل غروب يوم 28 مايو يقودهما طياران سعوديان وتحملان كتيبة صاعقة بحرية مصرية بقيادة المقدم هلودة الذي افادني انه كان في مهمة إلى مطار الغردقة، ولكن صدرت له الأوامر وهو في الجو بالهبوط في مطار شرم الشيخ.” وفي الرابع من يونيو تلقى قائد المجموعة البحرية في شرم الشيخ تكليفا بقصف ميناء إيلات بحرا بواسطة مدمرتين تحركتا بالفعل “وعبرتا مضيق رأس نصراني بعد منتصف الليل واقتربتا من ميناء إيلات، وفجأة صدرت لها الأوامر بإيقاف تنفيذ المهمة والعودة!” ويضيف خليل في ذكرياته عن الحرب: “أحمد الله انها استطاعت العودة ليلاً عبر المضيق ونجت في تجنب القصف الجوي أو البحري الإسرائيلي، وبالطبع لم تخصص لها القيادة غطاءً جويّاً في هذه العملية.”[2]

وتضاربت التقارير والمعلومات الواردة إلى قيادة الجيش المصري وإلى مكتب عبد الناصر، بل وكان بعضها خاطئًا. وادّعي جهاز المخابرات الحربية يوم 15 مايو أنه ما زالت هناك تجمعات عسكرية إسرائيلية قرب الحدود مع سوريا، بين خمس وسبع ألوية، لكن هذا العدد لم يكن صحيحًا وفقًا لصور عمليات الاستطلاع السورية التي رآها الفريق فوزي. وأفاد نفس الجهاز يوم 17 مايو أن الروح المعنوية للشعب الإسرائيلي منخفضة دون تقديم أي دليل يدعم هذا الاستنتاج وعلى عكس كل التقارير الأخرى المتوفرة بل والمنشورة في الصحافة الدولية والاسرائيلية بشأن الدعم الشعبي في إسرائيل لتحرك عسكري استباقي. أيضًا كان حجم القوات الإسرائيلية المُدّعى أنها محتشدة قرب الحدود المصرية الوارد في تقرير المخابرات يوم 18 مايو غير دقيق. ويخلص رئيس الأركان الفريق فوزي من كل هذا إلى أن “جميع المعلومات أو التقديرات أو تحليلها عن العدو أو قوته أو مقدرته القتالية أو أسلوب قتاله وقدرات والنطاق الأقصى الفعّال لطائراته كانت خاطئة، الأمر الذي جعل تخطيط العمليات الحربية التي أقرها المشير عامر بناءً على معلومات وتقديرات المخابرات الحربية خاطئة كذلك.”[3] ولم تتخذ القوات الجوية احتياطات قوية لحماية طائراتها ومطاراتها الرابضة على الأرض خارج سيناء، مكتفية بتقييم للمخابرات الحربية جاء فيه أن مدى الطائرات الحربية الإسرائيلية لا يمكنه أن يتعدى القناة، وبالتالي فالطائرات العسكرية المصرية في القواعد المنتشرة من الأقصر جنوبًا وحتى المنصورة شمالًا آمنة. وكانت هذه واحدة من سلسلة الأخطاء المريعة التي ارتكبتها المخابرات الحربية.

ويقول الفريق عامر الخماش، رئيس اركان الجيش الأردني الذي كان يزور القاهرة أواخر مايو أن المصريين لم يكن لديهم أي خطط هجومية حقيقية، “وكانت لعبة سياسية وليست استعدادات للحرب … ولم يتوقعوا انهم سيحتاجون لخوض حرب.” وكان هذا أيضا تقدير أجهزة المخابرات الأمريكية والبريطانية والتي انتهت الى ان التشكيلات المصرية دفاعية وانه رغم عدم وضوح النية الهجومية في التحركات الإسرائيلية إلا انها مع ناهية مايو صارت في وضع يمكنها من الهجوم في أي وقت تريد وبسرعة، وخلص وزير الدفاع الأمريكي ماكنمارا إلي ان الفارق الوحيد بين التقديرات الأمريكية والبريطانية هو في تحديد الوقت الذي تحتاجه إسرائيل “من اجل ان تهزم مصر” حيث قدر احدهما انها تحتاج إلي أسبوع واحد فقط بينما قال الأخر انها تحتاج الى عشرة أيام.[4]


وفي الثاني من يونيو، عندما أبلغ عبد الناصر المشير عامر وكبار الضباط أن إسرائيل قد تهجم يوم الرابع أو الخامس من يونيو، أمر المشير بتوزيع تقرير من المخابرات الحربية على كل القيادات العليا والوسطى والدنيا، جاء فيه أن إسرائيل لن تُقدم على أي هجوم “وأن الصلابة العربية الراهنة ستجبر العدو بلا شك على تقدير العواقب المختلفة المترتبة على اندلاع شرارة الحرب في المنطقة.”[5]

من ناحيته، كان عبد الناصر متبنيًا لفكرة أن تمتص مصر الضربة الجوية الأولى من إسرائيل، حيث تلقى طلبا او تحذيرا واضحا من واشنطن عن طريق مبعوث للرئيس جونسون في يوم ٣١ مايو ومن موسكو عن طريق السفير السوفييتي بالا يبادر بالهجوم. وقدّر قائد القوات الجوية الفريق صدقي محمود الخسائر المتوقعة جرّاء تلقي الضربة الأولى بنحو 15% إلى 20% من الطائرات، “مما قد يؤدي إلى تكسيح قواتنا الجوية”، إلا ناصر أصرّ على تلقي الضربة لا توجيهها، حرصًا على ضمان التعاطف العالمي وخصوصًا من الولايات المتحدة، ورد بحزم على اعتراضات الفريق محمود. وهكذا تم الاتفاق على اتخاذ الإجراءات الوقائية للتقليل من تأثير الضربة الأولى، حيث إن خسارة 20% من القوات الجوية ثم “نحارب إسرائيل بعدها أفضل من أن نبادر بالضرب فنحارب إسرائيل وأمريكا معًا”. 

لم يكن المشير عامر يأخذ تقديرات ناصر وتحذيراته بجدية. ومن أمثلة ذلك أنه قرر مواصلة رحلته المقررة إلى سيناء صباح الخامس من يونيو، مما يعني أن قوات الدفاع الجوي كلها كانت ستكون عاجزة عن القصف طالما كانت طائرته في الجو، كما أن رحلته كانت تعني أنه سيجمع 28 من كبار قادة الجيش في رحلته إلى سيناء، إما على الطائرة معه أو في انتظاره على الأرض. وعندما وجّه البعض اللوم إلى عامر على إهماله تحذيرات عبد الناصر، قال إن “عبد الناصر ليس نبيًا يتلقى الوحي وتقديراته في 1956 لم تكن سليمة على أي حال.”[6]


مصر ابتلعت الطعم وإسرائيل قررت الحرب

ربما منحت سياسات مصر وقراراتها العسكرية وتصريحاتها الصحفية وخاصة في الشهور السابقة على حرب ١٩٦٧ إسرائيل اعذارا وحججا للهجوم، ولكن إسرائيل كانت تستعد لهذا الهجوم كخطة وقائية من ناحية ورغبة منها في تحطيم الجيش المصري واضعاف المعسكر الناصري المهدد لإسرائيل مرة واحدة وللأبد.

ويوضح خالد فهمي في عدة مقالات نشرها هذا التوجه الإسرائيلي ومن أهمها “هزيمة يونيو المستمرة (١٢): السردية الإسرائيلية” المنشورة في ديسمبر ٢٠١٨. ويراجع فهمي الكتب المهمة التي أصدرها إسرائيليون بعد الحرب مباشرة ثم في السنوات القليلة الماضية ويرى “أن هناك جانبا أساسيا لم تتطرق له هذه الأصوات المراجِعة، ألا وهو مقدمات الحرب. فيكاد يجمع كل المحللين الإسرائيليين على أن إسرائيل كانت بالفعل مهددة، وأن كل طوائف المجتمع الإسرائيلي كانت مقتنعة أنهم يواجهون تهديدا وجوديا، وأن هذا التهديد يماثل الهولوكوست في بشاعته وخطورته”.

ويستعرض فهمي عددا من الوثائق الأمريكية والفرنسية والبريطانية والسوفييتية إضافة لكتابات عدد من الساسة والعسكر الإسرائيليين وقتها، توضح في رأيه “زيف هذا الادعاء”، ويشير للعمل الذي قام به جون كويجلي John Quigley ، أستاذ القانون في جامعة أوهايو ستيت في دراسة تلك الوثائق، وكيف انه من الخطأ القول ان هجوم إسرائيل على مصر في الخامس من يونيو كان “حرب استباقية مشروعة غرضها الحيلولة دون تدمير إسرائيل.” وبداية كان لدى إسرائيل في تلك الفترة وبعدها دائما ما يكفي من القدرات العسكرية لدحر أي هجوم عربي من مصر او من عدة دول وكان النقاش الدائر في دوائر المخابرات الامريكية هو ليس ما إذا كانت إسرائيل ستتفوق من عدمه بل الوقت اللازم لإسرائيل لإظهار هذا التفوق وتأكيده اذا نشبت الحرب. وأكد مائير عاميت رئيس الموساد في مقابلاته في واشنطن في الأسبوع السابق على الحرب ان الحرب، لو قامت، فقد تتكبد إسرائيل نحو أربعة الاف قتيل ولكنها ستنتصر في سبعة أيام على الأكثر. إذن إسرائيل لم تكن تتعرض لخطر وجودي بل وكانت تعتقد ان مصر “تهوّش” بتحركاتها العسكرية استجابة لضغط عربي من الدول الراديكالية مثل سوريا او المحافظة مثل السعودية والأردن. ولكن هذا التهويش كان فرصة ذهبية امام العسكريين في إسرائيل وقادة المعسكر الايدولوجي الصاخب من الجيل الجديد المولود في إسرائيل ان يفرضوا ارادتهم ويحطموا خصمهم.


قرار الحرب

بعد ما أصدر المشير عامر قرار التعبئة العامة في مصر في 15 مايو، بدأ آلاف الجنود في التدفق على سيناء. لكن رئيس الوزراء الاسرائيلي ليڤي آشكول ظل مترددًا في استدعاء الاحتياط، لأنه لم يرغب في أن يبدو الأمر ساعتها كما لو أن الحرب قادمة لا محالة. حاول آشكول الانتصار في تلك المواجهة مع عبد الناصر دون عمل عسكري، لكن مؤيديه من كبار الساسة والجنرالات تناقصوا بسرعة في الأيام التالية مع فشل الضغوط الدبلوماسية على القاهرة للتراجع عن التصعيد. وازدياد الضغوط من جنرالات الجيش الإسرائيلي لشن هجوم استباقي.

يوجد عدد هائل من الكتب لخبراء وسياسيين وعسكريين اسرائيليين وامريكيين واوروبيين حول تطورات الموقف الاسرائيلي الداخلي في الاسابيع المؤدية للحرب، ومن أهم الكتابات التي ظهرت حول حرب 1967 كتابا الديبلوماسي الأمريكي ريتشارد باركر (Richard Parker)  “سياسات الحسابات الخاطئة في الشرق الاوسط  ”The Politics of Miscalculation in the Middle  East “و “حرب الايام الستة   ”The Six Day War“·       وكتاب الديبلوماسي الاسرائيلي مايكل اورين Michale Oren  المترجم للعربية ”ستة أيام من الحرب“  ”Six Days of War“ ·       وكتاب عامي جلوسكا   Ami Gluska “العسكرية الإسرائيلية وأصول حرب 1967: الحكومة والقوات المسلحة وسياسات الدفاع 1963-67” The Israeli Military and the Origins of the 1967 War: Government, Armed Forces and Defence Policy 1963–67

رضخ آشكول لضغوط رئيس الأركان رابين في 17 مايو. إذ وافق يومها على استدعاء لوائي احتياط، أو نحو 18 ألف جندي، وإرسالهم إلى صحراء النقب على الحدود مع مصر، خصوصًا بعد أن حلقت طائرتا استطلاع مصريتين من طراز ميج 21 فوق مفاعل ديمونة النووي. وفي 19 مايو عقد رئيس المخابرات الحربية آهارون يارييف اجتماعًا مع كبار ضباطه لدراسة صور جوية للقوات المصرية أظهرت أن هناك ما يُقدّر بحوالي 80 ألف جندي و550 دبابة وألف مدفع داخل سيناء بالفعل. قال يارييف إن نوايا مصر غير واضحة متسائلًا “ما إذا كانت مصر تريد مواجهة عسكرية أو كسب بعض الهيبة والمكانة”؟

كان اضطرار إسرائيل إلى التعبئة خطوة باهظة الثمن. حيث يحتاج جنود الاحتياط إلى العودة إلى الحياة المدنية سريعًا لتفادي الآثار الاقتصادية السلبية، التي يمكن تقديرها بحوالي 20 مليون دولار يوميًا. كان تعداد السكان في إسرائيل في 1967 يزيد عن 2.7 مليون نسمة بقليل، بينما كامل قوة الاحتياط لديها قرابة 140 ألف شخص. أما تعداد مصر فكان يفوق إسرائيل بنحو 12 مرة، ولكنها كانت أضعف اقتصاديًا. إذ كان متوسط دخل الفرد في إسرائيل يقترب من تسعة أضعاف نفس المتوسط في مصر. ورغم ذلك كان يمكن لمصر تعبئة عشرات الآلاف من جنود الاحتياط دون أن يتأثر اقتصادها بشدة، على عكس إسرائيل التي كانت معدلات التشغيل فيها أعلى، وعدد السكان أقل بكثير. ورغم القوة الاقتصادية النسبية إلا أن اسرائيل كانت تعاني من فترة كساد في منتصف الستينيات تجلت في نسب بطالة مرتفعة وزيادة حالات الافلاس، وانتظمت مسيرات للمطالبة بالعمل وتوفير الطعام.

وفي 19 مايو كرر آشكول أنه لن تكون هناك حرب طالما بقي الجيش المصري دون تحركات عدائية داخل سيناء. ولكنه رغم ذلك ضاعف عدد جنود الاحتياط المستدعين للخدمة، وزاد عدد الدبابات على الحدود إلى 300 دبابة، وأوصى بإعداد خطط لفتح مضايق تيران بالقوة إذا أغلقتها مصر، ولتدمير المطارات المصرية إذا تم قصف مفاعل ديمونة النووي[13]

وبعد اغلاق مضايق تيران بيوم واحد ورغم ان الاغلاق لم يكن يتعرض للسفن الحربية او السفن التجارية المحتمية بسفن حربية الان الذعر ساد اسرائيل يومين وفرغت المحال التجارية من بضائعها واضطر الجيش الاسرائيلي لفتح مخازنه واغراق الاسواق بالبضائع لتهدئة الاوضاع. وشعر رئيس الاركان رابين ذاته بالرعب بل واصيب بشبه انهيار عصبي جعله يستدعي نائبه عزرا وايزمان في مساء 23 مايو ويبلغه انه قرر الاستقالة وانه نادم على تأييده لقرار الحرب. وطلب رابين من وايزمان ان يحل محله، فرفض الرجل قائلا ان الاستقالة ستؤثر سلبا على الروح المعنوية للجيش والشعب وستجعل السياسيين يترددون اكثر في اتخاذ قرار الحرب.

وفي 27 مايو وصل وزير الخارجية آبا إيبان لتل ابيب عائدا من واشنطن وتوجه من المطار مباشرة لاجتماع مجلس الوزراء الإسرائيلي الذي استمر طوال الليل وانتهى إلي قرار منح الجهود الدبلوماسية أسبوعين إضافيين بعد خطاب آخر من الرئيس الأمريكي جونسون طلب فيه ألا تبدأ إسرائيل الحرب، مع الوعد بالمساعدة في فتح مضايق تيران. كان الخلاف حادًا داخل الاجتماع الذي استمر حتى الرابعة صباحًا، ثم انفض ليستأنف مرة أخرى بعد عدة ساعات للتصويت. وصوّت تسعة وزراء لصالح شنّ الحرب، في مواجهة تسعة مثلهم فضَّلوا مواصلة المساعي الدبلوماسية التي تقودها الولايات المتحدة. وكان رئيس الأركان رابين مستعدا للحرب وقال انه يمكن ان يبدأ المعركة خلال ساعات. ولكن الحكومة قررت الانتظار واستغلال الأسابيع التالية في ضمان التعاطف الدولي وجمع التبرعات والأموال وشراء مزيد من الأسلحة.

كان جونسون يعتقد وفقا لتقارير المخابرات ومجلس الامن القومي والجيش ان إسرائيل لا تواجه أي تهديد وجودي. ولم يعد السؤال السائد في واشنطن ما اذا كانت إسرائيل ستنتصر في الحرب من عدمه بل كم ستحتاج من الوقت لتحقيق هذا الانتصار، وخشت واشنطن ان يحقق عبد الناصر “اكبر نصر سياسي له منذ حرب السويس …لو لم يرد الإسرائيليون” على اغلاق المضايق لأن القاهرة ستكون هذا قد أجبرت تل ابيب “على التراجع محققة اول نصر عربي على إسرائيل بل ومحققة نصرا على الولايات المتحدة في أعين العرب.”[7]

وجرى اجتماع مجلس الوزراء الإسرائيلي في نفس اليوم الذي نظم فيه الرئيس عبد الناصر مؤتمرا صحفيا دوليا في القاهرة أصر فيه على كل مواقفه وعلى ان مصر استخدمت حقها في سحب قوات الطوارىء واغلاق مضايق تيران لتعود الامور الى طبيعتها كما كانت قبل حرب ١٩٥٦، وقال ردا على سؤال لصحفي الماني: “ننتظر ماذا ستفعل اسرائيل إذا تحرشت اسرائيل بنا او بأي دولة عربية او بسوريا فكلنا مستعدون لمواجهة اسرائيل واذا أرادت اسرائيل الحرب فأهلا وسهلا بالحرب… واذا حصل عدوان من اسرائيل ستكون هناك حرب شاملة بيننا وبين اسرائيل … ” وركز ناصر على حق مصر في اغلاق الملاحة في وجه اسرائيل بسبب ملكيتها لجزيرتي تيران وصنافير قائلا: “مدخل خليج العقبة ومضيق تيران مياه اقليمية مصرية … الاسس القانونية لقرارنا ان هذا الخليج كان مقفول امام السفن الاسرائيلية حتى ١٩٥٦ في عدوان السويس … كل السفن كانت تُفتش وتمنع منها المواد الاستراتيجية …” وفي هذا المؤتمر اتهم عبد الناصر الصحافة الغربية والولايات المتحدة وكندا واوروبا كلها تقريبا بالتحيز والوقوف بجوار اسرائيل وانها تتخذ مواقف سياسية وقانونية غير صحيحة.

ونصحت الإدارة الأمريكية المسئولين الإسرائيليين بالتريث، ومن هؤلاء وزير الخارجية آبا إيبان الذي قام بزيارة إلى واشنطن يومي 24 و25 مايو التقي خلالها الرئيس جونسون ووعده بعدم التسرع وانتظار ما ستسفر عنه الجهود الجارية. كانت هناك جهود للأمم المتحدة، وأخرى توجه فيها مبعوثان أمريكيان للقاهرة، في محاولة لتفادي اندلاع الحرب. وبعد اجتماع 28 مايو تواصل ضغط الجنرالات في إسرائيل، على خلفية خشيتهم من تلقي الضربة الأولى، مع زيادة جاهزية القوات المصرية في سيناء، وقلقهم اقتصاديًا واجتماعيًا بسبب استمرار التعبئة العسكرية عالية الكلفة في أنحاء إسرائيل منذ 19 مايو. ويبدو أن رئيس الوزراء آشكول سعى إلى ترضيتهم قليلًا، فأعلن في الأول من يونيو عن تشكيل حكومة حرب ضمت موشي ديان وزيرًا للدفاع (كان آشكول يحتفظ بهذا المنصب لنفسه حتى ذلك الوقت)، ومنح مناصب وزارية لمناحم بيجين وزعماء يمينيين متطرفين آخرين. 

فسرت القاهرة هذه القرارات بأنها تأكيد على نية إسرائيل شن حرب. وكان العكس أيضًا صحيحًا في تل أبيب، حيث بدت القرارات المصرية وتصريحات المسؤولين المصريين بمثابة استعداد للحرب.


أكد الجنرالات الإسرائيليون مرارًا على رغبتهم في خوض حرب استباقية، كانوا يتدربون عليها منذ 1957، تبدأ بتحطيم سلاح الجو المصري. لكن آشكول وبن جوريون، رئيس الوزراء السابق والعرّاب العجوز الجالس في مزرعته بالنقب، وقفا في وجه الجنرالات، ورفضا توجيه الضربة الأولى. وفي النهاية، وتدريجيًا، انتصر الجنرالات، مثلما انتصر المشير عامر على تردد عبد الناصر بشأن السحب الكامل لقوات الطوارئ. استند هذا النصر جزئيًا على موقف مائير عاميت، رئيس المخابرات الإسرائيلية (الموساد)، الذي زار واشنطن في الثاني من يونيو، وشعر أن الموقف الأمريكي تغيّر قليلًا، وأنه دون تغير درامي في الموقف المصري فإن الإدارة الأمريكية لن تعترض لو شنت إسرائيل حربًا “وقائية”. وفي اجتماعات متتالية عقدها مجلس الوزراء مع كبار جنرالات الجيش الإسرائيلي كان التوتر يتصاعد مع تصلّب موقف الجنرالات المصمم على خوض الحرب، خصوصًا مع انهيار مشروع أمريكا وبريطانيا لفتح الملاحة في خليج العقبة تحت رعاية دولية، وهو المشروع الذي عارضه الاتحاد السوفيتي ومصر في مجلس الأمن. رغب القادة العسكريون الاسرائيليون في حرب استباقية لأنهم كانوا يخشون وقوع هجوم منسق على جبهتين أو أكثر في نفس الوقت مما قد يستنفذ قدرة اسرائيل في الدفاع عن نفسها.

كان لدى اسرائيل مثل كل الدول الحديثة صاحبة المؤسسات العسكرية الاحترافية خطط طوارئ وبدائل هجومية ودفاعية، وكان لديها عدة خطط حيال مصر تعتمد على معلومات استخبارية مُحدّثة، وبفعل خبرات نخبتها الحاكمة منذ الاربعينيات وحتى قبل اعلان قيام الدولة الصهيونية صارت المؤسسة العسكرية والحرب “الوقائية” عناصر بارزة في صنع سياساتها واستراتيجيتها الأقليمية، ولكن كل هذا لا يعني أنها سعت الى حرب يونيو ١٩٦٧ بشكل مباشر. أدى وجود اسرائيل وسياساتها المعسكرة والدعم الدولى لها من ناحية، ووتخبط النظم العربية المجاورة وسعيها لتثبيت اقدام جمهوريات ما بعد الاستقلال من ناحية اخرى، إلى خنق كل فرص التسوية المقبولة للمسألة الفلسطينية واستحالة تطبيع قيام دولة اسرائيل في المنطقة. كانت الحرب من هذا المنطلق حتمية، تنتظر اخطاء الاطراف المعنية والتي ارتكبوها بدوافع ولاسباب متعددة. 

ويصف الضابط والدبلوماسي الاسرائيلي السابق ديفيد كيمحي المناخ العام في اسرائيل في الأيام القليلة السابقة للحرب قائلًا: “بالنسبة لرجل الشارع العادي لم يبد خطر احتمال إبادة دولة اسرائيل حقيقيًا في أي وقت أكثر منه في تلك الأيام في نهاية مايو ١٩٦٧. وسيطر على الناس إحساس عميق ينذر بالشر المستطير. واختفى كل الرجال القادرين بدنيًا، ومعظم الشابات، من شوارع المدن والقرى مع اكتمال تعبئة الإحتياطي، كما تم حشد المركبات، وتوقفت الحافلات عن السير، وأُغلقت المصانع، وأُوصدت أبواب المدارس حيث تم استدعاء التلاميذ لحفر الخنادق، أو لتنظيف مخابئ الاحتماء من الغارات الجوية.” (ديفيد كيمحي، “دوافع اسرائيل للحرب وتأثيرها عليها”، في لطفي الخولي (محرر)”حرب يونيو ١٩٦٧ بعد ٣٠ سنة”، مركز الأهرام للترجمة والنشر، ١٩٩٧، ص. ٢١٤)


هل دفعت أمريكا إسرائيل للحرب؟

لا يوجد دليل واحد قوي على أن الرئيس جونسون أو وزير خارجيته دين راسك قررا أو صرّحا أنهم طلبوا من إسرائيل أن تهاجم مصر في 1967، بل إن جونسون قال بوضوح في اجتماعه مع وزير الخارجية الإسرائيلي آبا إيبان في 26 مايو إن إسرائيل “لن تكون وحيدة إلا إذا دخلت الحرب بمفردها”، وإنه من الضروري ألا تصبح إسرائيل مسئولة عن بداية الأعمال الحربية. لكن واشنطن لم تكن لديها خيارات كثيرة. فهي لم تكن تريد التدخل عسكريًا لإجبار مصر على فتح خليج العقبة أمام حركة الملاحة إلى إسرائيل، الأمر الذي كان سيؤدي إلى اكتسابها كراهية شعوب العالم العربي، وهي كذلك لم تنجح في حشد دعم دولي لفتح المضايق بالقوة أو الضغط، وفي الوقت نفسه هي لم تكن تريد أن ينجح عبد الناصر، حليف السوفييت، بالشكل الذي يمكنه من الاستمرار في سياساته الإقليمية المناوئة لواشنطن. في هذا السياق، كان أفضل “حل” يدافع عنه البيروقراطيون في وزارة الخارجية والبيت الأبيض هو العودة إلى القنوات الدبلوماسية، أو حتى القانون الدولي عن طريق محكمة العدل الدولية، للبت في مسألة حرية الملاحة، أو استصدار قرار من مجلس الأمن يُنشئ أسطولًا دوليًا يؤمّن دخول السفن إلى إسرائيل. 

على أن تل أبيب لم تكن تحتاج إلى دعم عسكري أمريكي. فقد كان لديها من الجنود والعتاد والذخائر، والأهم من الخطط والاستراتيجيات وهياكل القيادة والاتصال والقوات المدربة جيدًا، ما يمكنّها من خوض الحرب منفردةً ضد مصر وسوريا والأردن مجتمعين. ما أرادته إسرائيل فقط هو ألا يتكرر ما حدث سنة 1956، عندما أجبرتها واشنطن على الانسحاب من سيناء بعد الاستيلاء عليها عنوة[14]

لم يمنح جونسون إسرائيل الضوء الأخضر لشن الحرب، ولم “يطلقها من عقالها” كما يدّعي هيكل في كتابه “الانفجار”، ولكنه في الوقت نفسه لم يطلق ضوءً أحمر صريحًا ليوقفها. فبين منتصف مايو والثالث من يونيو حذرت واشنطن تل أبيب في تسع رسائل متفرقة من شن حرب استباقية[15]. كانت أول رسالة من نائب وزير الخارجية يوجين روستو في 17 مايو إلى السفير الإسرائيلي إفراهام هاريمان. حيث أكد روستو على حق مصر في تعبئة الجنود داخل حدودها، وأن مثل هذا التحرك لا يمنح إسرائيل الحق في ضربة وقائية، بل ستصير مثل هذه الضربة في حالة وقوعها “خطًا فادحًا”. وظهيرة اليوم نفسه أرسل الرئيس جونسون رسالة إلى آشكول جاء فيها أن الولايات المتحدة “لا تستطيع تحمل مسئولية أي موقف ناجم عن تصرفات لم تتم استشارتنا بصددها”. وفي 25 مايو رفضت واشنطن طلبًا إسرائيليًا بأن تصدر إعلانًا رسميًا مفاده أن أي عدوان على إسرائيل هو عدوان على الولايات المتحدة. وفي 28 مايو أرسل جونسون خطابًا إلى آشكول جاء فيه “أكرر بقوة أكثر مما ذكرت لآبا إيبان أمس، أن إسرائيل لا يجب أن توجه ضربة عسكرية إجهاضية وتجعل نفسها كذلك مسئولة عن اندلاع الحرب”[16]

حاول آشكول الحصول على تطمينات أمنية من رئيس وزراء بريطانيا هارولد ويلسون ورئيس فرنسا شارل ديجول، لكنه فشل. وفي الموازاة تصاعدت التهديدات الخطابية العربية والسخرية الإسرائيلية من تردد آشكول في اتخاذ قرار الحرب. ولم يكن الأمر كله بروباجندا وشيطنة وتهوين من العدو الإسرائيلي وتخويف له، ولكن الأجواء أيضًا عكست مشاعر قومية عربية حقيقية كانت تريد الانتقام من عدو استيطاني وعنصري. تجلّى هذا في الصحف اليومية الصادرة في العالم العربي وفي انصياع الحكومات المحافظة في الرياض وعمَّان لضغوط شعوبها بالوقوف وراء مصر. 


بين السياسيين والعسكر في اسرائيل

بدأ رئيس الأركان رابين يميل أكثر وأكثر نحو معسكر المؤيدين للحرب، بعد أن كان قد قال لكبار ضباطه في اجتماع يوم 19 مايو إن الدول الغربية الكبرى رفضت تقديم ضمانات أمنية، وأن الحكومة الإسرائيلية ما زالت تسعى وراء حل دبلوماسي “ويجب أن نمكنّهم [الساسة] من استنفاد كل بدائل الحرب…[ولكن] لو أغلق المصريون مضايق تيران لن يكون هناك بديلًا عن الحرب”. 

ولكن قرار الحرب في يد السياسيين. هذا ما قاله بن جوريون لرئيس الأركان رابين في اجتماع معه في 21 مايو: “يجب أن يتحمل رئيس الوزراء والمجلس مسئولية اتخاذ قرار الحرب، فهذا ليس أمرًا يقرره الجيش.” كان السياسي الأكبر سنًا ومقامًا في إسرائيل (81 عامًا) يخشى عواقب الحرب ويردد “يجب ألا ندخل الحرب، فنحن معزولون”. كل هذه الضغوط المتناقضة أثرت بشدة على رابين، فقدم استقالته في 25 مايو لأنه كان يخشى عواقب الأمور. ولكن رئيس الوزراء آشكول رفضها وقرر رفع التعبئة إلى الحد الأقصى، أي استدعاء كل الـ140 ألف إسرائيلي المسجّلين في كشوف الاحتياط[17]

كان اجتماع مجلس الوزراء الإسرائيلي غير الرسمي في الثالث من يونيو حاسمًا. استغرق الاجتماع ساعات طويلة، وتخلله جدل ونقاشات عسيرة. كان هارمان، سفير إسرائيل في الولايات المتحدة، وعاميت، مدير الموساد، قد عادا من واشنطن على الطائرة نفسها. وصل الاثنان إلى منزل آشكول في منتصف ليل السبت، وقدما استعراضًا موحّدًا كان أهم ما جاء فيه أنه لو بادرت إسرائيل بالهجوم فلن توقفها الولايات المتحدة، بل قد تدعمها دبلوماسيًا. أتى هذا التقدير بناءً على تحليلاتهما وليس وفقًا لتعهدات أمريكية قاطعة. ومن ناحية أخرى، وبعد أن قرأ تصريحات وزير الخارجية راسك، التي قال فيها إن أمريكا لن تجبر أحدًا على ضبط النفس، غيّر وزير الخارجية إيبان موقفه، بعد أن كان يفضل الانتظار. وأكد عاميت، رئيس الموساد، أن أمريكا لن تدعم إسرائيل من خلال عمل عسكري مشترك، ولكنها ربما تقدم أسلحة ومالًا ودعمًا سياسيًّا بعد أن تندلع الحرب ووفقًا للتطورات، وذلك بناءً على تقديره للموقف الأمريكي بعد اجتماعاته في أوائل يونيو في واشنطن مع ريتشارد هلمز، رئيس وكالة المخابرات المركزية، وروبرت ماكنمارا، وزير الدفاع، ورجاله في البنتاجون. 

حاول هارمان أن يقنع المجلس بتأجيل الحرب أسبوعًا آخر لتفادي إغضاب الرئيس جونسون ومنحه الوقت الذي طلبه، ولكنه فشل في وجه إصرار ديان على إنهاء ما كان يراه انتظارًا عقيمًا، يمنح مصر وقتًا أطول للتمترس في سيناء وشنّ الضربة الأولى، خصوصًا وقد اتفق الحاضرون أن الاتحاد السوفيتي لن يتدخل عسكريًا إلى جانب مصر. كان الاجتماع صغيرًا وضمّ، بالإضافة إلى آشكول وهاريمان، كل من إيبان وديان وعاميت ورابين ورئيس المخابرات الحربية يارييف وآخرين، واختُتم بالاتفاق على أن يصدر مجلس الوزراء قرارًا رسميًا سريًا بخوض الحرب صباح اليوم التالي. وصدر القرار بأغلبية 12 صوتًا بينما امتنع وزيران يساريان عن التصويت.


ورغم كل هذه المؤشرات والتقارير من مصادر مختلفة بل وتوقعات ناصر نفسه لم يبدو على القيادة العسكرية المصرية انها تتصرف كما لو ان الحرب قادمة خلال اقل من يومين. وتوالت الإشارات يوم الاحد الرابع من يونيو ان هناك تحركات عسكرية إسرائيلية تعد لهجوم وشيك، حيث شعرت الوحدات المصرية في جنوب قطاع غزة باستعدادات برية إسرائيلية واضحة ولكن القيادة تجاهلت إشارة أرسلتها هذه الوحدات في العاشرة والنصف مساء هذا اليوم. وكان الفريق طيار عبد الحميد الدغيدي الذي يقود العمليات الجوية في سيناء يعاني من نقص حاد في المعلومات الاستخبارية بعد ان قرر نقل كل الضباط في القطاع لشكه في ولائهم له، وفي تلك الليلة انصرف ضابط المخابرات المسؤول مبكرا. وفي عمّان تلقى الملك حسين تقارير تنبئ بهجوم وشيك على مصر وارسل برقية عاجلة للقاهرة، فجاءه الرد ان القيادة المصرية على علم بالهجوم ومستعدة له. وكان المشير عامر وكبار قادته مشغولين بالاعداد لزيارته الميدانية لسيناء في صباح الخامس من يونيو.


الأجزاء الأخرى في الدراسة:

الهزيمة المحتومة: سياق ووقائع “نكسة” 1967 (الجزء الأول)

الهزيمة المحتومة: سياق ووقائع “نكسة” 1967 (الجزء الثاني)

الهزيمة المحتومة: سياق ووقائع “نكسة” 1967 (الجزء الثالث)

الهزيمة المحتومة: سياق ووقائع “نكسة” 1967 (الجزء الخامس)


هوامش:

[1] محمد فوزي، حرب الثلاث سنوات، ص113. 

[2]  عبد المنعم خليل، “حروب مصر المعاصرة: مذكرات الفريق عبد المنعم خليل”، القاهرة: دار الكرمة (ص. ١٤٢-١٤٩)

[3] محمد فوزي، حرب الثلاث سنوات، ص118-119

[4] Jeremy Bowen (2003) “Six Days: How the 1967 War Shaped the Middle East”, London: St Martin Press. P. 57-59.

[5] محمد فوزي، حرب الثلاث سنوات، ص117-122.

[6] محمد فوزي، حرب الثلاث سنوات، ص127.

[7]  Jeremy Bowen في كتابه “Six Days: How the 1967 War Shaped the Middle East” نقلا عن وثائق مجلس الامن القومي الأمريكي. ص. 46

كاتب، صحفي، مصري، بتاع حقوق انسان، وموظف اممي سابق، ومستشار في الاعلام والتجهيل والحفر والتنزيل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *