عن فلسطين وكورونا وأم ميمي ومسلسلات رمضان (حالات فيسبوكية: أول ابريل حتي 31 مايو 2021)

Facebook
Twitter
LinkedIn

٢٧ مايو — منذ حكومة محمد نجيب في سبتمبر ١٩٥٢ وحتى آخر تعديل وزاري أجراه عبد الناصر في أكتوبر ١٩٦٨، تولى العسكريون نحو ٣٤٪ من المناصب السياسية الرئيسية، ورغم أن الـ ٦٦٪ الباقية ذهبت لمدنيين، إلا أن مناصبهم كانت في الأغلب تحت سيطرة العسكريين الذين تولوا كل مناصب نائب الرئيس ورئاسة الوزراء والحربية والإنتاج الحربي والمخابرات والداخلية (باستثناء ضابط شرطة لفترة محددة) والإعلام ورئاسة مجلس إدارات صحف أو رئاسة تحريرها، وفي الخارجية بحلول عام ١٩٦٢ شغل العسكريون ٧٢٪ من المناصب المهمة في الوزارة، وكان جميع سفراء مصر في أوروبا عسكريين باستثناء ثلاثة وذهبت حوالي ٨٠٪ من مناصب المحافظين لضباط جيش وشرطة في عام ١٩٦٢.  المصادر: مجدي حمّاد، “المؤسسة العسكرية والنظام السياسي المصري”، في كتاب أحمد عبد الله، “الجيش والديمقراطية في مصر”، ص ١٤. وقد كتب انور عبد الملك مطولا في هذه المسألة في كتابيه “الجيش والحركة الوطنية” و“المجتمع المصري والجيش”، كما تطرق لها طارق البشري في كتابه “الديمقراطية والناصرية.”

٢٤ مايو — هناك جزء مهم من الرأي العام في كل انحاء العالم ضد لقاحات كورونا، جزء مهم ولكن ليس كبيرا واتمنى ان يختفي ويقل تدريجيا خصوصا مع التجربة المباشرة حيث يموت الكثيرون كل يوم او يمرضون بشدة بسبب فيروس كورونا (كوفيد-١٩) بينما يعاني من تلقوا التلقيح اقل بكثير سواء لان التطعيم ينجيهم من الفيروس او لان التطعيم يحميهم من أسوأ اثار المرض اذا نفد الفيروس اليهم.  من بين دوافع ومرتكزات هذا الجزء من الرأي العام الرافض للفيروس وخصوصا في منطقتنا هو اضمحلال الثقة او اختفائها في اجهزة الاعلام وفي الحكومات وفي الشركات الكبرى ومدى التزامها بمسؤوليتها تجاه الناس والمواطنين والمستهلكين. وبالتالي لا يصدق الناس ان الحكومات فعلا ستستورد لقاحات فعالة او تخزنها بصورة سليمة او انه ليست هناك اثار جانبية سيئة للقاحات. وتبدأ المشكلة عندما تتطور وتتفاقم هذه الشكوك المبررة في حكومات فاشلة وشركات مستغلة واجهزة اعلام متواطئة لتصبح نظرية مؤامرة متكاملة الاركان تعاني من هذيان وضلالات اصحابها الذين يعتقدون ان اللقاحات تخفي شرائح تجسس او تؤدي للإصابة بالمرض ذاته!

ثانيا، هناك ايضا العجز عن فهم مسألة الوقاية ونسب الخطر: وأعني هنا ان الادوية واللقاحات والتدخلات الطبية لا تمنع المرض او اعراضه الشديدة أو العدوى مائة بالمئة ولكنها تمنعها لنسبة كبيرة (مثلا في حالة كورونا لقاح فايزر يبدو أقواها وسينوفاك ربما اضعفها) ويصح عليها جميعا ما نُسب للرسول محمد “اعقلها وتوكل” (وهذا رد بليغ على سخافات من يقولون: “الاعمار بيد الله”) وان هناك نسبة خطر لأي تدخل طبي ولكنها اقل بكثير من نسبة خطر عدم التدخل. يعني اللي بيعمل عملية استئصال زائدة دودية هناك احتمال يصل الى ١٪ انه ممكن يموت فيها بس اللي عنده التهاب الزائدة وما بيعملش العملية في احتمال ٥٠٪ انه يموت … هيه شفت الفرق!!

وثالثا أسوأ هؤلاء الرافضين تماما للقاحات اولئك من انصاف المتعلمين ومنهم للأسف الشديد اطباء وصيادلة وممرضون الخ (هنا وهناك وفي كل مكان) والذين لديهم شكوك عميقة تجاه المؤسسة الطبية لانهم عايشوا احشائها وعرفوا ما يمكن ان تفعله شركات الادوية احيانا او اهمال اقسام المشتروات في بلدان العالم الثالث في شراء وتخزين واستعمال الادوية الجديدة (قال لي طبيب: يعني انت فاكر انهم مش ح يجيبوا لينا في مصر لقاحات منتهية الصلاحية؟) او ما قالته لي ممرضة خبيرة وشاطرة في مجالها: “ما فيش فايدة من موضوع التطعيمات دي لان حتى العيال لسه بيجيلها شلل اطفال!! طبعا الطبيب ده عنده شكوك مبررة ولكنها مفرطة وخطر تصديقها يفوق عشرات المرات خطر اخذ اللقاح، ولكن ادعاءات هذه الممرضة كذب محض وصريح لان مصر ليس فيها شلل اطفال من سنين طويلة وهذا بفضل حملات التطعيم. ولولا ان الفيروس لم يختف من العالم كله بسبب اشباه هذا المريض والممرض وغيرهم من رافضي التطعيم او معرقليه في بلاد مثل باكستان او نيجيريا لاختفى شلل الاطفال تماما من كل ارجاء العالم وتمكنا من التوقف عن تلقيح الاطفال سنويا ضده.

ورابعا، القرارات التي ياخدها الواحد في موضوع كهذا مش ابيض واسود ولازم كمان يتعلم من التجربة والارقام ذات المصداقية اللي بتوضح التأثيرات الايجابية والسلبية للتطعيم (السلبية زي الجلطات في حالة استرازينيكا واللي ثبت انها قليلة للغاية وان ما فيش ربط سببي واضح بينها وبين التطعيم أو الايجابية واللي ثبت انها ضخمة للغاية زي الانخفاض الهائل في نسب الانتشار ودخول المستشفيات في بلاد عملت حملات تطعيم واسعة غطت اكثر من نص الشعب لأول جرعة زي أمريكا).


٢٠ مايو — يا وجع القلب


١٨ مايو — ما يحدث انتفاضة فلسطينية من النهر للبحر ربما لأول مرة منذ عشرات السنين وربما منذ الثلاثينات في القرن العشرين (اسمع على الهواء الآن هتافات لدعم اهالي حي الشيخ جراح المقدسيين يطلقها متظاهرون فلسطينيون في حيفا). وهناك عدة قضايا ينبغي على المفكرين والكتاب والمهتمين بالعمل العام والوضع الفلسطيني من مواطني الدول العربية وبين الفلسطينيين القراءة عنها ودراستها والعمل على فهمها بعمق مستحق. ومن هذه القضايا: انفجار غضب فلسطيني ١٩٤٨ في حيفا ويافا واللد وغيرها حيث يعيش قرابة مليوني فلسطيني هم ايضا مواطنون اسرائيليون، المقاومة المسلحة من جانب حماس في قطاع غزة (أكبر سجن مفتوح في العالم حيث يضم مليوني سجين محاصرين برا وبحرا وجوا) ودور هذا السلاح ايجابا وسلبا في النضال الفلسطيني من اجل التحرر من الاحتلال والتفرقة العنصرية منذ ٢٠٠٨ وحتي الآن وكيف، التحلل البطيء والفشل المستمر للسلطة الفلسطينية، وديناميكيات العلاقات العربية الاسرائيلية وخاصة بالنسبة للإمارات والسعودية ومصر والاردن بعد فشل ولا سيما بعد فشل وعود جاريد كوشنر واتفاقات “السلام” الاخيرة.

١٩ مايو — من حق الدكتور والجراج والشركة والسكان يعلقوا لافتات واعلانات وتكييفات وزرع وخراطيم، وكذلك من حق الشاعر!! مدهشة يا مصر دائما.

١٧ مايو – لا بأس من تكرار البديهيات ووضعها في بداية كل حوار حول فلسطين واسرائيل حتى لا نغرق في التفاصيل والتكتيكات وخاصة بشأن المقاومة المسلحة والجانب الديني للصراع ودور الدول العربية وفشل النخبة الفلسطينية الحاكمة (السلطة) الخ.

جذر الصراع الذي يغذي المقاومة الفلسطينية بكل اشكالها هو الاخضاع والاذلال والاحتلال الاسرائيلي للفلسطينيين. 

ليس لحوالي مليوني فلسطيني من حاملي الجنسية الاسرائيلية من عرب ١٩٤٨ حقوق مساوية لحقوق اليهود، مواطني نفس الدولة، بينما ليس لثلاثة ملايين فلسطيني في الضفة الغربية اي حقوق مواطنة رغم خضوعهم التام للسيطرة الاسرائيلية ومعاناتهم من قيود هائلة على الحركة والتملك مقارنة بستمائة الف مستوطن اسرائيلي، والحال أسوأ في غزة حيث يعيش نحو مليوني فلسطيني في سجن خاضع لحصار جوي وبحري وبري، يجري قصفه متى شاءت اسرائيل وعادة للقيام بعقاب جماعي مفرط وغير متناسب ضد الفلسطينيين هناك اذا اطلق المسلحون الفلسطينيون صواريخ بدائية عبر الحدود (اخر حملة قتلت نحو مائتي فلسطيني في غزة منهم قرابة خمسين طفلا مقابل عشرة اسرائيليين منهم اثنان من فلسطيني ١٩٤٨ قتلتهم صواريخ قادمة من غزة على سبيل مساندة انتفاضة الفلسطينيين في القدس دفاعا عن بيوتهم وعن حقهم في ارتياد المسجد الأقصى).

هذه البديهيات هي ما يجب لفت النظر اليها في كل مرة نتحدث فيها عن التفاصيل لان نظام التفرقة العنصري والاحتلال الاسرائيلي هو جذر المشكلة وسبب هذا العنف الدموي الذي يدفع الفلسطينيون فيه اثمانا ابهظ بما لا يقاس من الاسرائيليين، وهي اثمان كانت شعوب كثيرة تدفعها في عصور الاستعمار والآبارتايد (الفصل العنصري) التي انتهت في كل العالم تقريبا الا في منطقتنا وتحديدا في اسرائيل والمعازل الفلسطينية المحاطة بالآلة العسكرية الاسرائيلية. إذا اتفقنا على هذا يمكن ان نتحدث ونتجادل عن دور مصر وايران والامارات وقطر وحماس والسلطة الفلسطينية وفعالية اشكال المقاومة المختلفة وحق الدفاع عن النفس والقانون الدولي ومن كان يملك عقود ملكية الارض في العصور العثمانية وهل حقا منح الله هذه الارض لشعب دون غيره، الخ الخ الخ.


١٦ مايو — أي حد قاهري أو بيزورها وبيحب اللوحات الانطباعية لازم يزور متحف محمود خليل اللي فيه مجموعة لطيفة لمونيه وبيسلي وجوجان وآخرين.

١١ مايو — لندعم نضال اهل #القدس والمحتجين في #الاقصى دفاعا عن حق الفلسطينيين في حي #الشيخ_جراح في وجه السياسات الاسرائيلية العنصرية … التاريخ في جانب الفلسطينيين لأسباب عديدة كما كان في جانب السود في جنوب افريقيا وغيرها، يمكن بتضافرنا ان نساهم في تقصير سنين الظلم ونجعل نهايته اقرب، وكل وما يستطيع ان يفعله، وهذا افضل من الانشغال بانتقاد تصرفات القاعدين او تثبيط عزائم الناشطين. اعمل اللي عليك.


١٠ مايو — اخر عشرة كتب عربية قرأتها في الادب والسيرة كلها تراوح بين النوستالجيا وبين الديستوبيا، مرهق جدا هذا الخيال المتأرجح بين حنين أو أسف على ماضي ذهب او يتحلل امام الواحد مثل القاهرة القديمة من ناحية او الخوف المترقب والموقن بمستقبل كئيب معذَب معذِب. (ما فكرت فيه بعد قراءة روايتين لعادل عصمت وبسمة عبد العزيز هما “أيام النوافذ الزرقاء” و “بدن” وكتاب “جبل الملح” وهو سيرة ذاتية لراندا شعث، وكلها اعمال ممتازة تستحق القراءة)

قرأت ايضا عملين افلتا من هذين القطبين (النوستالجيا والديستوبيا) ولكنها ليست اقل ايلاما بل ربما تدخل مشارطها الادبية لأعماق اكبر وهما “موسم الاوقات العالية” لياسر عبد اللطيف و “حرز مكمكم” لأحمد ناجي (الاولى معظمها عن القاهرة وخاصة في التسعينيات وبعدها، والثانية عن الحياة في سجون مصر الحاضرة ).


١٠ مايو — يا جبروتك يا مصر؛ مرشح رئاسة جمهورية ومدرس لغة انجليزية ومستشار مالي وسياحي ولاعب عود (اللافتة تواجه مدفن زوجات الخديوي اسماعيل في مقابر الامام الشافعي

٩ مايو — في نحو العاشرة والربع مساء اليوم على رصيف شارع شجرة الدر المواجه لكلية التربية الموسيقية في الزمالك، ركل شاب يرتدي قميصا ازرق الشحاذ الذي اعتاد الجلوس في هذا الموقع كل يوم. ركله مرتين بقوة في صدره وكتفه بالحذاء، وهو يصرخ فيه ان يفز ويقوم من مكانه، التفتت شابة اجنبية شقراء كانت قد مرت للتو من جانبي وهي تضحك مع رفيقيها وصرخت فيه بالإنجليزية: “ماذا تفعل؟ توقف؟” ثم انضمت لها امرأة مصرية كانت تسير مع طفليها، واتضح سريعا ان الشاب في الاغلب ضابط يرتدي ملابس مدنية عندما صرخ في الشحاذ بعد ان وضعه مساعدون بكروش وعضلات (ايضا في ملابس مدنية) في بوكس الشرطة الذي يقوده سائق (ايضا بملابس مدنية) وهم يصرخون في الناس الذين تجمعوا ان يتفرقوا. الكل كانوا يرتدون قمصان وبنطلونات مما لخبط السائحة حيث العلامة الرسمية الوحيدة كانت كلمة “الشرطة” المنقوشة على جانبي السيارة. ولم يتدخل أحد سوى المرأتين وهما تصران بالعربية والإنجليزية على ان يفسر لهما الشاب ماذا يجري ولماذا ضرب الكهل الشحاذ بهذه القسوة بينما كان الرجل يصدر اوامره للسيارة بان تغادر المكان مع الشحاذ الذي كان يصرخ: “انا عملت ايه يا أحمد بيه؟ انا ح آخد حقي منكم.”

في ظروف مختلفة ومع امرأتين مختلفتين ليست واحدة منهما اجنبية والاخرى من طبقة عليا لا يعرف الشاب الراكل من هي بل وربما يخشى من سلطتها المجهولة له، كانت هاتان الشاهدتان اللتان لم تخرسا مثل بقية المارة في الشارع ربما أنتهيتا مع الشحاذ في بوكس الشرطة، او تلقيتا ركلة هنا وصفعة هناك.

قال صاحب القميص والركلات ان السكان يشتكون طوال الوقت، وربما هو محق فقد رأيت بعض هذه الشكاوى غير مرة على جروبات فيسبوك الخاصة بسكان الزمالك وخاصة من السكان الذين لا يحبون الشحاذين و”الاغراب” ويخافون منهم، وطلب مخبر من البواب الواقف ان يكلم احدى الشاكيات لتأتي بدورها وتدعم موقف الضابط.

كررت المرأة المعترضة انه من حقه ان يقبض على شخص يشتبه به ولكن ليس من حقه ان يضربه في الشارع، وبان ذهول على وجه صاحب الركلات واعتقد انه سمع الكلام ولكنه لم يفهم ماذا يعني انه ليس من حقه ان يضرب “متشردا” في الشارع. رد قائلا: “ده مسجل في قصر النيل وعليه أربع احكام” فكررت المرأة: “اقبض عليه ولكن بتضربه ليه؟”

واصلت السائحة الاجنبية السؤال بالإنجليزية: “ما الذي يحدث؟ لماذا؟ لماذا يضربه بهذا العنف؟” بينما زهق رجل الأمن من الحوار وقال ان الشحاذ كان يضايق الاطفال وان لديه عدد من البلاغات من السكان وأنها هي نفسها كانت ستتصرف بشكل مختلف لو كان ضايق اطفالها، وبدا يسير في وسط الشارع مبتعدا. وسألتني المرأة: “هو ما فهمش انا اصلا كنت بقوله ايه وان اعتراضي على الضرب والقسوة والعنف غير المبرر، ولولا منظري وطريقة كلامي كان اخدني انا كمان.” لم يعترض اي من سكان الشارع او العمارة الذين لا اشك لحظة ان بعضهم قدم بلاغا لقسم الشرطة ضد هذا الشحاذ الذي اراه في شوارع الزمالك منذ سكنت هذا الحي في عام ٢٠٠٤ اي منذ كان هذا الضابط في الاغلب مراهقا او أصغر.

لم تكن هناك حاجة لإخضاع رجل لا خطر منه ولم افهم فائدة اذلاله من اجل حفظ النظام، ولكني اعلم ان مشاهد العنف الغير مفهوم تتكرر كثيرا في الاغلب في احياء اخرى وخاصة الافقر والاقل حظا وخاصة مع تعيين ضابط مباحث جديد في القسم يحتاج لفرض السيطرة واعلان الوجود، وانها لا تقع ابدا في الكومباوندات التي لا يمكن ان يدخلها “اغراب وشحاذين” ولا بوكسات شرطة لم يستدعها احد. صارت الزمالك واحياء المدينة البرجوازية المتهدلة مناطق تماس حية. وسيسعى بعض من سكان احياء كهذه لاستعادة سيطرة فقدوها تماما بعد ان جرت خصخصة الشوارع من اجل تأمين السفارات واجهزة الدولة والكنائس عن طريق الحواجز وبناء اسوار خرسانية ومنع المرور، بينما أُغلقت شوارع اخرى لحفر المترو واستولت مقاه ومطاعم متكاثرة برخص مشبوهة او تابعة لنوادي وأجهزة الدولة على ارصفتها وما بين بناياتها، ولم يتبق امام السكان لفش غلهم وارواء غضبهم سوى مطاردة الاضعف والافقر من امثال هذا الشحاذ، وطبعا ليست هناك سلطة مدنية او امنية قادرة او معنية بمحاولة فك الاشتباكات وحل المشاكل الاعمق في تقاسم الفضاء العام او الشارع في مدينتنا ولان الشحاذ في الاغلب سيخرج سريعا من القسم فلا مانع ايضا من ان يفش الضابط احباطه ويركله ركلتين. (تحديث: الشحاذ رجع مكانه وشفته بعد ظهر اليوم جالسا بجلبابه المتسخ وصحيفة الشرق الاوسط عدد اليوم بين يديه في نفس المكان الذي ركله فيه الضابط وغير بعيد عنه يجلس نفس البواب الذي اكد شكوى الساكنات).

كل هذا لا يمكن شرحه للأجنبية ولا حاجة لشرحه للمصرية لأنها تعرفه ولكنها ما زالت تحتفظ بقدرتها على الغضب من الحال المايل وتحتفظ بضمير حي، ابقاه الله لها ولنا.


٨ مايو — ضريح الإمام الشافعي

٨ مايو — لا تقنطوا من رحمة الله … قبر ابراهيم باشا ابن محمد عل

٥ مايو — استدعى المستشفى العائلة في منتصف الليل وهي تستعد للسحور وتتأهب نفسيا لعملية كبرى سيجريها الأب نزيل المستشفى في الصباح الباكر.

وصلت مع الزوجة وابنها الشاب الجامعي للمستشفى قلقين حيث اعطانا الطبيب الجراح ورقة مكتوب بها اقرار بالحالة الصحية للمريض وكل المخاطر التي يمكن ان يتعرض لها إذا ما وافقت الاسرة على اجراء عملية جراحية كبيرة وعاجلة، فقلت للطمايو — لا تقنطوا من رحمة الله … قبر ابراهيم باشا ابن محمد علبيب: زوجته هنا ولو وافقت توقع. قال لي الطبيب الشاب: ما ينفعش يا إما ابنه يا إما اخوه. هي ما تنفعش عشان هي مش قريبته من الدرجة الأولى.

وانا شخصيا كخالد انبهرت ليس فقط من المستشفى الخايف على نفسه من تبعات العملية وعايز يخلي مسؤوليته فيقوم يجيب الاسرة المرهقة والقلقة قبل العملية بساعات في نص الليل عشان تمضي اقرار موافقة على النتائج المحتملة، لا وكمان شئ صادم ان الزوجة لا تصلح لتوقيع مثل هذا الإقرار.

مين محامي او قانوني هنا يفهمني؟ ومين حتى إذا القانون المصري كان بيقول كدة شايف الكلام ده معقول؟ معقول يا ناس؟!!

٤ مايو —  قرأت “حرز مكمكم” ل Ahmed Naji صباح اليوم. الكتاب عن تجربة الروائي مع السجن الذي قضى فيه عاما واكثر بتهمة “خدش الحياء العام” بسبب فصل من روايته “استخدام الحياة” نشرته صحيفة اخبار الادب في عام ٢٠١٥. كتاب مقبض وكاشف وبديع عن السجن والقانون واللغة والابداع والصداقة والوقت ودناءة البشر وقدرتهم المدهشة على التسامي، كتاب يدور داخل عنابر ليمان طرة ولكنه يلامس ويكشف جوانب عن الطبقة الوسطى المصرية في مدن الدلتا والخليج وشبكات علاقات السلطة والاخوان، والزنازين التي تجمع نماذج عديدة من هذه الطبقة وتسحقهم جميعا بلامبالاة ولا هدف واضح سوى الذعر الشديد من تهاوي العالم القديم والخوف من “انفلات” الناس وانعتاقهم. “حرز مكمكم” صدرت في ٢٠٢٠ من صفصافة للنشر


٣ مايو — عندما أتأمل في بلادنا واحوالها، اتذكر كثيرا قصة موت النبي سليمان حيث ظل واقفا متكئا على عصاه وهو ميت سنينا طويلة بينما الجن الذي سخره يعمل من حوله دون توقف، حتى اكلت الحشرات عصا سليمان فسقطت جثته. تذكرت القصة اليوم وانا اقرأ صحيفة الاهرام حيث خلفت الحشرات اخطاء لغوية ونحوية، وخطايا صحفية، وركاكة لغوية في الصفحة الاولى ذاتها وما بعدها.


٢ مايو — صحوت مبكرا للغاية على ترنيمات قادمة من الكنيسة القريبة، فقمت وصنعت قهوة واخذت اقرأ “الحب والصمت” للكاتبة المصرية عنايات الزيات التي انتحرت في الستينيات قبل أن تُنشر روايتها الوحيدة. وانتهيت من الرواية في اربع ساعات، وفي الحقيقة احببتها رغم انها تعاني من مشاكل عدة في البنية والقص والشخصيات واللغة.

قبضت عليّ الرواية لأنها في صفحات بعينها امسكت بمصارين وخبايا الشعور بالاكتئاب وخصوصا لدى المراهقين والشباب.

تفتتح البطلة “نجلاء” الرواية برحيل اخيها هشام رحيلا هشم حياتها والقاها في اعماق الانفصال عن العالم وما يجري حولها. الرحلة بين هذا الاكتئاب الممض الضجر وبين ادراكها ان هشام ذاته كان ربما سخيفا مثله مثل صديقه المغرور الذي حاول ان يتزوجها زواج صالونات مرتب، هي الرواية التي تختلف عن كل ما قرأت لأديبات مصريات في تلك المرحلة. رواية عن مشاعر المراهقة/الشابة الغاضبة الانثى الخائفة الحزينة وبنت الطبقة الاقطاعية العليا. وتنتهي الراوية بشعور رومانسي بالتحرر تعقبه عدة فقرات مُقحمة حول تحرر البلاد مع خطوة الدبابات وضباطها للشوارع في انقلاب يوليو ١٩٥٢ كما تصفه الكاتبة.

“الحب والصمت”، التي نشرتها المحروسة، رواية تستحق القراءة – رغم بعض المباشرة والخطابية وضعف التحولات الدرامية والنهاية العالية الصوت – بشرط ان يقرأ الواحد بالتوازي كتاب Iman Mersal “في أثر عنايات الزيات” كي يرى تقاطعات لا تنتهي بين العملين ويدخل في كواليس حقيقية ومفترضة لحياة الكاتبة التي أثرت كثيرا على الرواية. لو كانت عنايات واصلت حياتها اعتقد انها ربما كانت ستكتب أكثر وافضل. 

انهت عنايات حياتها وعمرها ٢٧ عاما ورغم ان روايتها نُشرت بعد ذاك بل وتحولت لفيلم ومسلسل اذاعي الا انها لم تعد للحياة الادبية حقا سوى عن طريق كتاب مرسال. يقرأ الواحد مقالات وكتبا في النقد الأدبي فتتردد على ذاكرته مقاطع وتفاصيل من الاعمال الفنية ولكن هذا ربما اول عمل فني اتواصل معه فتتردد في ذاكرتي مقاطع وفقرات وتفاصيل مما كتبته مرسال عن حياة وعمل الكاتبة. متعة عجيبة والله ولهذا يستحق الكتابان القراءة سويا لان أحدهما منح “القيامة” وحياة جديدة للآخر فصار اعمق واهم!


أول مايو  مع أشهر أقدم الملوك الموحدين

٣٠ ابريل — وخرج المصلون من المسجد بعد صلاة العشاء في أحد شوارع القاهرة الجانبية وبعضهم يخلعون الكمامات بينما يخرجها البعض الاخر من جيوبهم لارتدائها


٢٩ ابريل — ذهبت لإدارة جوازات السفر وطلبت تعديل مهنتي لتعكس وظيفتي الفعلية في عام ٢٠٠٣ فنظر لي العقيد اللطيف وقال لي: “صحيح حضرتك مسؤول محترم في الأمم المتحدة لكن انت عارف سمعتكم مش قد كدة في المنطقة ولسه انت نفسك زي ما قلت لي نجوت من هجوم ارهابي وسخ في بغداد. خليك صحفي في الجواز أحسن، حاجة كدة محترمة.” قلت له اني لم اعد اعمل بالصحافة، فرد قائلا: يا سيدي الصيت ولا الغنى! 

وبعد ٢٠١١ بدأت كل مطارات المنطقة توقفني بانتظام وتسألني عن اي صحيفة اعمل فيها ولماذا وايه اللي جايبك بلدنا وسين وجيم. قلت لضابط الهجرة في مطار مغاربي ذات مرة انه خلاص بطلت من زمان وبحاول اكتب روايات، فنظر لي بخبث وقال: في السياسة؟ بعدها صرت اقول: “انا متقاعد واربي اولادي وأقرأ كتب،” فجاء الرد في أحد مطارات المشرق: هههههه اكيد كتب من اياها، انتظر دقيقتين على جنب بس عشان المكتب جوة يراجع الجواز. دلوقتي بقول: كنت صحفي وتبت وأنبت وندمت، فيبتسم الجميع للنكتة ويطلبون مني ان انتظر قليلا من اجل الفحص. وهكذا وهكذا وهكذا


٢٦ ابريل — في بلد تنافس على مركز متقدم في احكام الاعدام في العالم كله عقب محاكمات تعاني من عوار قانوني واضح وقوانين مفصلة، في بلد يقضى الاف الناس فيها سنوات من الحبس الاحتياطي دون محاكمة، في بلد يستمر بها كثيرون في السجن بعد انقضاء سنوات محكوميتهم او فترات حبسهم الاحتياطي ويتم تدوير بعضهم ………. في هذا البلد وزير ذهب اليوم للبرلمان بناء على طلبه (وهو برلمان تم اختيار اعضائه بدقة ليدعموا الدولة) ويطلب مساندتهم من اجل تعديل قانون الخدمة المدنية لفصل ١٦٠ موظف في هيئة للنقل العام بدعوى انهم “عناصر اثارية” ومن الاسباب الرئيسية لحوادث قطارات اودت بحياة المئات من البشر. مش غريبة دي!! فعلا بلد بتحب تستف الورق صح، بلد مفيهاش معتقلين ولا فصل تعسفي وكل حاجة فيها بالقانون. يا ريت يعدلوا القانون عشان الخيار التاني ح يبقى ضم ال ١٦٠ واحد دول لقضية انضمام لمنظمة ارهابية.

٢٢ ابريل — مصر احتلت المركز الثالث على مستوى العالم بعد ان اعدمت ١٠٧ اشخاص في ٢٠٢٠ او أكثر من ٢٠٪؜ من احكام الاعدام المنفذة المعروفة في ذلك العام. تسبقها إيران والصين وبعدين بيجي وراها العراق والسعودية. مصر تقدمت بخطوات سريعة في هذا الجدول لان عدد الاعدامات تضاعف ٣ مرات في سنة واحدة وفقا لمنظمة العفو الدولية وتقريرها في اول تعليق. (تحديث: ارقام الاعدام في الصين غير معلنة ويمكن ان تتعدى الالاف بينما أُعدم ٤٨٣ شخصا في بقية العالم وفقا للتقرير).


٢٢ ابريل — حوار متكرر ومسبب للجلطة:

– انت جايب الكلام ده عن باكستان (او امريكا الخ) منين؟ عندك رابط؟

– قرأت عدة كتب في الموضوع وكتبت مقالات وعشت واشتغلت هناك سنوات

– كفاية تعالي على الناس بمعرفتك وسفرياتك 

– طيب ممكن نتكلم في الموضوع بس واعرف ايه اعتراضاتك؟

– واشمعني باكستان (ولا امريكا الخ)؟ وليه ما كتبتش عن الهند (ولا روسيا الخ)؟ انت ايه مشكلتك مع الاسلام (أو الحرية الخ)؟

–  عاااااااااااااه


٢١ ابريل — سفير باكستان في برلين عمل تصريح ياخد عليه الاوسكار الاسبوع ده لما قال لإذاعة المانيا ان باكستان بلد ديمقراطي والبرلمان فيه هو صوت الشعب وبالتالي سيعبر عن رأي الشعب عندما يقرر في الايام القليلة القادمة اجراء تقدم به بعض الاعضاء من اجل طرد السفير الفرنسي من البلاد عقابا لفرنسا ورئيسها ماكرون على موقفهم من نشر رسوم مسيئة للرسول.

البرلمان في الاغلب بيعمل الشغل ده عشان يرضي حركة “لبيّك يا باكستان” الاسلامية المتطرفة اللي عملت مظاهرات عنيفة مات فيها ناس كتير منهم ست ظباط شرطة احتجاجا على هذه الرسوم الكارتونية في اخر شهرين. “لبيك باكستان” شغلانتها الاساسية الدفاع عن قانون يقضي بعقوبات تصل للاعدام لكل من يثبت انه اهان الرسول على سبيل المثال!

وزير الداخلية قال ما منهاش بد وبيحاول يخلي البرلمان يفسي الموضوع ده شوية عن طريق طرد السفير.

أحد مشاكل حكومة باكستان من السبعينيات وعصر الرئيس المؤمن الجنرال ضياء الحق انها مش بس سابت الجماعات الاسلامية المتشددة تتمدد وتتغوّل بينما تواصل فشخ كل الجماعات السياسية الاخرى بما فيها الاحزاب المدنية وتلك الدينية المعتدلة. جهاز المخابرات العسكري من ساعتها وهو اللي بيشرف على اشد الجماعات الجهادية تطرفا واللي حاربت في كشمير وافغانستان وفشخت نص البلد تقريبا عشان بتحب بالمرة تقتل في الشيعة والستات والعلمانيين والاحمديين بل والمسلمين التانيين اللي مش عاجبينهم، ومن عشرين سنة والموضوع بدأ يفلت من المخابرات (في جماعة جهادية عملت تفجير داخل جهاز المخابرات نفسه عشان شافوا انه بيخالف صحيح الدين!

في معظم الاحوال لما جماعات الاسلام السياسي تخش في اللعب مع الدولة او تستولي عليها بتفشخ نفسها وتفشخ الدولة والمجتمع وتفشخ دول حواليها وكمان تسئ للدين (باكستان والسعودية وايران والسودان أمثلة حية (برلمان باكستان فعلا منتخب وديمقراطي ولكن هذا موضوع اخر تماما!)


٢٠ ابريل — ومن باب المساواة بين الاجهزة شاهدت اليوم اربع حلقات من #مسلسل #هجمة_مرتدة والذي يقدم افضل ملخص لوجهة نظر منتشرة بين النخبة المسيطرة في مصر منذ عقود كثيرة. وجهة النظر هذه مريحة للنخبة لانها ترفع عنها عبء تحمل مسؤولياتها المباشرة وفشلها الواضح والسعي لحل مشاكلنا المعقدة عن طريق فهم وتحليل اسبابها المركبة أو الاعتراف باهتراء الدولة على مدى عقود أو بضعف مواردنا وقدراتنا مقارنة بطموحاتنا. عوضا عن هذا كله تحمّل هذه النخبة كل هذه المصائب لمؤامرات الاعداء، الذين لا يريدون لمصر ان تنهض!!

المذهل انهم ما زالوا يقدمون الاعداء بصفتهم الامريكان والاسرائيليين ونحن في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين حيث هاتان الدولتان ترتبطان مع بلادنا بمعاهدات ومصالح على كافة الاصعدة وبينهما تعاون عميق. يجعل هذا الواحد يشعر ان اصحاب هذه النظرية ما زالوا واقفين في الستينيات يلعقون جراح هزيمتنا المرة.

التطور الرئيسي لنظرية المؤامرة تحت تأثير ما جرى في المنطقة في اخر عشر سنوات انها قامت بضم المنظمات المدنية ومنظمات الاغاثة والصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي الى قائمة الوسائل التي يستعملها الاعداء للتجنيد والتخريب.

يخلو العالم الذهني والفني لهذا المسلسل ولمعتنقي هذه النظرية من اي مؤسسات او احزاب او اي حد تاني يمكن ان يؤثر على ما يحدث من خارج الاجهزة. وحتى الجماعات الارهابية التي قلبت العالم كله واوقعت دمارا مرعبا بمناطق عدة في اخر ٣٠ سنة يتم تصويرها على انها مجرد اداة في يد جهاز مخابرات هو من خلقها في افغانستان في الثمانينيات (حتى دورنا المهم في دعم السعودية والامريكان من اجل تسليح وامداد “المجاهدين” الافغان في الثمانينيات، يتجاهلونه). ولا يفهم الواحد بعد ان يشاهد عدة حلقات من مسلسل كهذا سوى ان العالم كله من ساسه لراسه هو عبارة عن مواجهات بين اجهزة مخابرات وان كل الباقين، كلنا، كومبارس.


١٩ ابريل — اكيد ان العنصر البشري (اخطاء واهمال وارهاق) والبنية التحتية المتهالكة وطرق الادارة الهرمية السيئة، وغياب التخطيط الكفؤ، والانفاق السئ لميزانية النقل، وغياب المحاسبة الفعالة (مش الكيّادة)، وقفل فم الصحافة الجادة التي تنقب عن الحقيقة …… كل هذه الأمور بدرجات متفاوتة وحسب كل حادث هي الاسباب العامة لحوادث القطارات المتواترة والمتزايدة في مصر (اربعة في اخر اربع أسابيع) ولكن بدلا من حوار هادئ وجاد ومحاسبة وتغيير، اعتقد أن الافكار المتداولة بين بعضهم حول الحل الجذري الناجع لمشكلة الحوادث القاتلة المتكررة للقطارات في مصر لا تخرج في معظمها عن الاتي:

١- اجراء فحص دم كل صباح لكل السائقين.

٢- الغاء فرامل الامان في كل القطارات

٣- فصل كل السائقين وتعيين روبوتات مكانهم زي اللي بيسوقوا الجمال في الامارات او القطارات بتاعة اليابان (اعملنا جوجل يا محماااد عشان لينك لحكاية اليابان). 

٤- الغاء كل السكك الحديدية واستغلال اراضيها بيعا وتأجيرا 

٥- استغلال العائد من الخطوة السابقة في شق طرق جديدة وكل واحد يسوق نفسه ويبقى مسؤول عن اللي معاه.

ثم سينظر الواحد منهم لك بامتعاض ويقول: “وبعدين عادي انت مبتسمعش اخبار دي بتحصل في كل مكان في العالم، ولازم ننشف شوية والناس اعمار. وبكرة ح تشوف التقرير الطبي بتاع السواق الحشاش ونكتشف ان عامل المزلقان كان نايم ده غير السلوكيات الجاهلة للركاب. مصر بلدنا كدة، ما ينفعش تصلح ولازم تبني على نضافة، ايه رأيك في مشروع المونوريل مثلا؟”


١٩ ابريل — وبعد مشاهدة عدة حلقات من #الاختيار٢ قررت ان يكون الاختيار هو التوقف عن مشاهدة هذا المسلسل الدعائي المفكك والاكليشيهاتي عن كل الاطراف (لا اعرف كيف يعتقد اصحابه انهم يخدمون من يشتغلون عنده بصراحة!!) ومارست الاختيار أكثر وأكثر وقررت العودة الى عوالم #خلي_بالك_من_زيزي و #لعبة_نيوتن الامنة حيث يموت الناس بلدغات النحل وتلتهم البطلة كميات كبيرة من الحلويات عشان تهستر علينا أكثر. وحتى لو لم تعجبنا الدراما والحبكة عند زيزي ونيوتون، فهناك عدد طيب من الممثلين الجيدين والمشاهد الحلوة وقدرا اقل من ضغط الدم ولا خوف من الاصابة بجلطة مفاجئة أو كرب ما بعد الصدمة بسبب ما تشاهده على الشاشة.  #مسلسلات


١٨ ابريل — #القاهرة_كابول

وبعد خمس حلقات، هذا ما حدث للشخصيات الرئيسية الاربعة:

المثقف والفنان الوحيد طلع ساذج واهبل وبيقول للامن والاسلامجي والاعلامجي “حبوا بعض يا ولاد” وكلهم بيهرجوا عليه لدرجة انهم لما عملوا اجتماع لشلتهم من ايام ما كانوا عيال اصحاب من السيدة زينب وبعد ما تفرقت بيها السبل ما حدش قاله عن حقيقة الاجتماع وحضر بالصدفة، والاجتماع كان غطاء عشان الامن والخليفة الارهابي يتكلموا سوا. ولانه مش مهم وساذج بيموت علطول برصاصة حتي ما كانتش قاصداه هو. بيموت فطيس يعني.

وثانيا، الصحفي بقى وصولي واناني وبتاع فلوس ويبيع اهله وبيعمل مقدمات نارية في اعادة انتاج لشخصية الصحفي الشهير سابقا ي. ف. وما لوش فايدة للناس اصلا، وما يتخيرش عن المثقف والفنان الا في انه مش عبيط.

وهكذا لا يتبقى لنا سوى شخصية عميد الامن المهموم بحماية الوطن وشخصية خليفة الارهابيين الساعي خلف مشروع السيطرة واللي مستعد يقتل اي حد بما فيهم ابنه ويكذب على الكل عشان يوصل. والاتنين دول بقه بيتخانقوا علي مين اللي يسيطر ويركب، والشخصيات اجارك الله عناوين يطلع منها كلام ودراما تكسر الدنيا بس اللي ربنا بعته مع الكاتب والمخرج شلال كليشيهات وتناقضات واسطمبات بل واخطاء مركبة.

(مثلا مثلا استعمال كتاب “الملل والنحل” الشهرستاني بصفته احد الكتب التي يوزعها الاسلامجية عشان يجندوا الشباب الطاهر. ههههههههه “الملل والنحل” اللي خلى ناس اعرفها تسيب الاسلاميين والاسلام ذاته وتشتري دماغها من الموضوع كله واللي كاتبه متهم دون دليل قوي انه شيعي اسماعيلي ومنحاز لصالح المعتزلة ومحب للملحدين، بقى بيوزعوه عشان يضحكوا على الشباب ويجندوه وبعده علطول يوزعوا كتاب سيد قطب. انا فصلت ضحك في المشهد ده).

أما باقي شخصيات المسلسل حتى الان فدرس في تسطيح البشر واستعمالهم كادوات لحمل افكار الكاتب او كومبارس ومشاهدين زينا زيهم ناخد جنب ونتفرج ويُفضل طبعا نشجع العميد، او ممكن نروح لممثل الصوفية الاستاذ حسن في بيته الفقير في الحارة اللي قاعد فيها جنب مقام السيدة زينب (شئ لله يا ست) ناكل رز بلبن ويعلمنا الاسلام الشعبي او نقعد مع الشباب الجيل الصاعد المسطح الاهبل نفقع اسئلة ساذجة وافيهات بيض على القهوة. طبعا مش ح افتح بقي عن كابول اللي اشتغلت فيها سنتين مع الأمم المتحدة وحيث التقيت بعشرات الطالبان بل ومجاهدين من الطراز القديم وتحدثت معهم مطولا، لان المسلسل بيقول لك ان لا علاقة له بالواقع.  المشكلة في الحقيقة ان المسلسل لا علاقة له أيضا بالخيال.

١٧ ابريل — رئيس بيرو السابق مارتين فيسكارا فاز بمقعد في البرلمان منذ عدة ايام ولكنه لن يشغله بل وحظر عليه البرلمان امس تولي اي مناصب عامة لمدة عشر سنوات بسبب تخطيه للدور هو وسياسيين اخريين من اجل الحصول على لقاح كورونا (بي بي سي)، وفِي مصر بدأ الاسبوع الماضي تلقيح كل اعضاء البرلمان وأسرهم ضد كورونا بشكل عاجل، وهذا ليس تخطيا للدور وفقا لرئيس البرلمان فتحي جبالي لان النواب “يمثلون مائة مليون مواطن” (العنوان من صحيفة الاهرام). اذكر ثلاثة اختلافات بين حضارة الانكا وحضارة المماليك، وعلل الاجابة؟


١٥ ابريل — منذ اسابيع قرأت رواية “جيرمينال” لأميل زولا ولم أحبها كثيرا لانها ذكرتني بكل روايات البؤس الكاسح المفعمة بالتراجيديا وغير الخالية من بعض الميلودراما والرمنسة في الادب “الغربي” وذلك من “مذَلون ومهانون” لدستيوفسكي وحتى “البؤساء” لهوجو ونهاية بأعمال ديكنز في القرن التاسع عشر، روايات تؤرخ ببراعة لما فعله الانتقال الرأسمالي والتصنيع في اوروبا وتغييره لديناميكيات البؤس وملابسات الفقر .لنا نحن ايضا تراث روائي كبير في بؤس عوالم احياء القاهرة الفقيرة المعدمة أو العيش على الهامش في انحاء أم الدنيا مثلما فعل بمرارة عبد الحكيم قاسم في “قدر الغرف المقبضة”، وبغضب في “تحت خط الفقر” ادريس علي، او بحلاوة وبراعة العم ابراهيم اصلان في شغله عن الكيت كات، وطبعا بصياعة وروقان واقل قدر من المأساة كما اتحفنا خيري شلبي وخاصة في “وكالة عطية” (دمنهور طبعا وليست القاهرة) ، بل واتذكر انبهاري باول مرة قرأت فيها كتابة مشرفة في “قنطرة الذي كفر” ووصولا الى شغل نائل الطوخي المذهل في “الخروج من البلاعة” و “نساء الكرنتينا”.

كل هذه المقدمة عشان اقول انني اول مرة اقرأ رواية عن ظروف الحياة المأساوية بسبب الفقر واقرقع ضاحكا من اخر زاوية في بيتي فيسمعني ابني من الناحية الاخري ويأتي قفزا ليسمع النكتة التي قرأتها فاضحكتني ولكني انظر له مسخسخا واقول له ارجعلي كمان خمس – ست سنين، فيعبس بغيظ الواقفين على حافة المراهقة ويسأل: “ومين الست اللي حاطة رجليها على غلاف الكتاب دي بضوافرها الملونة أحمر؟” فارد عليه: “أم ميمي .. وخليك فاكر اسمها عشان تقراها بعدين.” وذلكم هو عنوان رواية Belal Fadl الاخيرة عن حياة طالب فقير (بنصف اختياره) يعيش في غرفة حقيرة في شقة وضيعة في شارع “خلف كازينو ايزيس” (اسمه كده) بين شارعي فيصل والهرم. أم ميمي شبه متقاعدة من حياة امتزجت فيها القوادة بالفهلوة ولكنها طبعا ما زالت تعر*ص (عشان اكل العيش مرّ) بعد ان انفصلت عن زوجها القواد وان ما زال ابنها السكير الميكانيكي الاسطى ميمي يعيش معها. هو عالم يستحق تعبير نيتشة لوصفه بانه “ما وراء الخير والشر”، عالم ليس فيه الناس بلا اخلاق، بل ليست فيه اخلاق اصلا ليتخلى عنها الناس، وليس ذلك ادانة لهم، لانه عالم ليس فيه للاخلاق (بحميدها وسيئها) محل من الاعراب.

لا تكاد تمر صفحة دون ان تقرقع مثلي من الضحك، ليس على الناس ولكن معهم وبهم، ثم تتعاطف بل وتتماهى احيانا مع مأساة العيش في مستنقع لا تهتم به السلطة إلا عندما يأتي ضابط الاداب في زيارته الاسبوعية لياخذ حقه من احد بنات “ابو سامية المعرص”، مجتمع يمثل حبل الانقاذ فيه عجوز خليجي يتحدى الزمن بالنوم مع شابة تشرف عائلتها على بيع جسدها بافضل سعر ممكن. قوادون يخدعون معرص*ين والجميع يناضلون للعيش بافضل شروط ممكنة وتحقيق احلامهم، الكبير منها والحقير. انا شخصيا تعاطفت بقوة مع معظم الشخصيات في مشاهد واحتقرتها بعنف في مشاهد اخرى، ولكني لم اشعر ابدا انني في حديقة حيوانات يتم فيها استعراض واغتصاب الفقر وابتذاله كما يجري في اعمال ادبية وسينمائية عديدة (مثلا في افلام خالد يوسف).

وبلغة بسيطة ولكن مشغولة بحرفية عالية ينتقل بلال باريحية ودون افتعال من العامية للفصحى وما بينهما ويتحدث عن الاعضاء التناسلية دون اي لمحة بورنوجرافية، وتتعالى الشخرات في صفحات الكتاب التي تكاد تشم فيها رائحة التقليّة على قمة تل الكشري في الحلة التي يحملها البطل مساء كل يوم في طريقه لغرفته التي يشاركها فيه فأرين وبرص.

صالحتني “أم ميمي” على هذه الفترة العجيبة المزلزلة التي ينتقل فيها الشاب منا من اوهام طبقته الوسطى الدنيا الى مقارعة جحيم حياة معظم المصريين (اه، حضرتك، الفقراء في مصر اغلبية). وجعلتني الرواية اتذكر هذه الفترة باسماً بل واتقبل عاطفيا بعدما كنت قد وافقت عقليا على مقاربة الفقراء النيتشوية لموضوع الاخلاق، واحمد القدر انني “نجوت” بمعجزة وكان يمكن ان ابقى هناك كما بقى كثيرون لولا كثير حظ وبعض جهد وبضعة جينات لست مسؤولا عنها كما بطل الرواية المهووس بسينما وكتب وبرامج اذاعية لا تعني الكثير لأهله من الطبقة المتوسطة او لمن حوله من الطبقة المفعوصة.

(طبعا طبعا عشان الحقيقة والصوابية السياسية ومن يحملون الكرامة اسلاكا عارية على اجسادهم: كانت هناك وما زالت شقق لطيفة في قلب هذه المآسي العمرانية، وناس تقبض على نار المبادئ الاخلاقية في قلب تلك الصحراء الانسانية اللاهبة، واحرار يجوعون ولا يأكلون باثدائهم او باجزاء اخرى من اجسادهم الخ الخ الخ. ولكن هذه الشقق لا تشبه تلك الاحقاق والكهوف والعلب الوضيعة التي كان يسكنها معظم الطلبة او الشباب القادمين من الاقاليم في مقتبل حياتهم المهنية في القاهرة في التسعينيات — وربما حتى الآن، وهؤلاء الناس الذين يُطلق عليهم اولاد البلد الجدعان وروح مصر الاصيلة الى اخر الموشح حياتهم وشخصياتهم في الأغلب مش زي مسلسلات اسامة انور عكاشة وبالتأكيد مش زي خرافات خالد يوسف وشخصيات محمد رمضان البلهاء ولكنها اقرب لأم ميمي وبنتها فاتن وكذلك سامية ورحاب وابوهم، ابو سامية المعرص مثلما هو اسمه في تلك الرواية المبهجة رغم كل شئ ).


١٢ ابريل — في خلال زيارة للرياض قال الملك فهد لرئيس الوزراء الاردني السابق مضر بدران انه اشفق عليه من تحمله لكل هذه الاستجوابات في أول برلمان شبه ديمقراطي تتمتع به الاردن بعد سنوات طويلةوقال.  الامير عبد الله انه قضى ليلة كاملة مع الامير سعود الفيصل والملك فهد يشاهدون شريط تسجيل مجلس النواب الاردني ومناقشاته لبيان حكومة بدران والتصويت عليه.

فقال بدران للملك: “انتم السبب في كل ما جرى ويجري … والديمقراطية في الأردن سببها تأخر المساعدات الخليجية وشحّها” وان تأخير المساعدات السعودية ادى الى صعوبات شديدة للاقتصاد الاردني حتى بدأت ثورة حقيقية هددت النظام الملكي في الاردن. واضاف: “كان عليكم ان تتوقعوا ذلك … لم يكن امامنا سوى حل وحيد وهو الديمقراطية حتي نتشارك جميعا في الاردن بتحمل المسؤولية، وإذا اردتم الغاء الديمقراطية في الاردن وحل مجلس النواب فالامر بسيط وسهل ويمكن ان تعود الأمور لما كانت عليه لكن مقابل حل اقتصادي جذري لمشكلتنا.” وسأل الملك فهد عن ثمن هذا الحل الجذري فقال بدران: “يكلفني كمملكة اردنية خمسة مليارات دولارات” هي قيمة ديون الاردن اذا سددها مبكرا. 

ويقول بدران: “للحظة ساد الهدوء القاعة التي كنا نجلس فيها وإذ بالملك فهد يكسر الصمت بالقول: “ويُحل مجلس النواب؟”، قلت: “بلا تأخير”. فقال “ستبدأ اللجان بالعمل على الأمر، وسأدفع لكم مديونيتكم.” وعاد بدران لعمّان حيث التقي مع نواب كتلة الاخوان المسلمين الذين رحبوا بالعرض ومع كتلة اليساريين والقوميين الذين وافقوا على حل المجلس فورا اذا دفعت السعودية الديون الاردنية.

ولكن بعد عدة شهور غزا صدام حسين الكويت وتغيرت المنطقة كلها ولم تدفع السعودية ديون الاردن. (المصدر: كتاب “القرار” – مُضر بدران – ص. ٢٦٤-٢٦٦)


٨ ابريل — كلما رأيت تشفي وابتهاج وتمني الفشل ممن يدعون انهم معارضين للتوجهات السياسية الحاكمة في مصر وخاصة في مسائل حيوية وتهم الناس كلها على اختلاف طبقاتها وفئاتها مثل قضايا مياه النيل وقناة السويس، تذكرت المثل الانجليزي حول من يجدع (يعني يقطع) أنفه كي ينتقم من وجهه! قصر نظر وعمى حيثي بغض النظر عن اي تحليل وموقف من سياسات الحكومة. ايه بقى المثل المصري المشابه؟


٨ ابريل — لما حد يقولك بلاش صوابية سياسية وانت وهو مجرد معلقين على الفيسبوك مش وزراء في الحكومة، تبقى مش عارف تقول ايه! مش غلط ولا حرام ولا اي حاجة ان الواحد يبني تحليلاته من موقف يمزج الواقعية السياسية بحد واضح من المبادئ الاخلاقية التي يتبناها ويدافع عن مصالح وقيم معينة. هذه ليست طهرانية ولا سذاجة. كل السياسيين حتى ما يُسمون الواقعيين realpolitil ينطلقون من مبادئ اخلاقية ودفاع عن مصالح معينة. المشكلة تبدأ عندما تخفي المصالح الحقيقية التي تدافع عنها او تصورها على انها مصالح الجميع ومصالح الأمة أو عندما تتغافل عن حقائق الواقع او لا تراها وتكون معنيا مثلا باستنهاض العمل العربي المشترك او استصراخ الامة الاسلامية أو مقاطعة البضائع الاوروبية

تابعني

القائمة البريدية

أرشيف المدونة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *