اوضاع فيسبوكية — قراءة التاريخ مفيدة ومنها حكاية احد الضباط الاحرار الذي كان بين كبار المخططين ل “اقناع” مجلس الدولة بتغيير موقفه من الثورة. وطبعا عملية الاقناع هذه وصلت الى ضرب قضاة مجلس الدولة ومنهم عبد الرازق السنهوري (كتاب ياسر ثابت “قبل الطوفان”) وهذا الضابط الهمام صار في ١٩٥٣ مسؤولا عن تدجين نقابات العمال او جذبهم لصف الانقلاب او الثورة، وصار بعدها سفيرا للبلاد وصار وزيرا للاوقاف وظل يتفاخر حتى ٢٠٠٢ بانه تحدى عبد الناصر وان شعبيته كانت تضارع شعبية ناصر (اللقاء كله يستحق القراءة على الرابط https://www.albayan.ae/one-world/2002-07-17-1.1336611) وهذا الرجل عندما كان وزيرا سافر الى بيونس ايريس لاقناعهم ببيع قمح لمصر وهو يعرف قبل السفر انه لا قمح لديهم ولكنه سافر لهناك على اي حال – وفقا لمذكرات جميل مطر الدبلوماسي في السفارة “أول حكاية” (دار الهلال ٢٠٠٢).
وذُهل المسؤولون الارجنتيون لان الرجل طلب ما ابلغوا الحكومة المصرية قبلها بوضوح انه مستحيل لان لا قمح لديهم. ورفضت الأرجنتين الطلب المستحيل، فذهب الوزير الهمام (اللي بيضرب كراسي في الكلوب وبيكسر راس التخين) الى ضباط كبار في الجيش الارجنتيني وحرضهم على القيام بانقلاب على الحكومة. وابلغ الضباط حكومتهم، فاستدعت دبلوماسيا من السفارة المصرية وابلغته بقرار الحكومة ان يرحل الوفد عن بيونس ايريس في اليوم التالي. وعندما ابلغ الدبلوماسي المذهول الحكاية الى الوزير الغضنفر في عشاء دبلوماسي قهقه الوزير بصوت عال متباهيا بانه خوّف الحكومة الارجنتينية وربما اعتقد ان خلاص مصر ح يجيلها القمح. طبعا مصر ما جالهاش قمح والباشا فضل باشا لغاية ما كان احد القنوات المزعومة بين السادات والاخوان (على عهدة ماهر فرغلي نقلا عن مذكرات عمر التلمساني https://www.albayan.ae/one-world/2002-07-17-1.1336611) القضية ليست في العبث والاستهتار بل في تغليفه بمعلقات طويلة عن الوطن والتحرر والاستقلال والقانون والمؤسسات والبطيخ وهي صراعات باغلبها مافيوية قامت بهدم القليل المتبقى من الاسس الواهية للدولة الحديثة في مصر اعتبارا من ١٩٥٢.