المدونة

لفت نظري نقاش على تويتر وفيسبوك وخبط ورزع حوالين مسلسل “جن” اللي بيدور حول علاقات طلاب مدرسة ثانوية خاصة غالية في غرب عمان وعن الجن، ايوة الجن اللي خرج عليهم في بترا وقتل واحد صاحبهم وبدأ يتلبس اخرين. قلت اروح واشوف .. وشفت نصف موسم “جن” الاول، المتاح وهو من انتاج نتفليكس. النقاش والجدل الحاد –  في وسط عالم عربي ينعاد تشكيله سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ويقع وينهار –  متركز على الالفاظ “البذيئة” في المسلسل وانه لا يمثل الأردن وان فيه كلام عن الجنس بين البنات والصبايا  وتعاطي كحول ومخدرات. وبالمناسبة الشباب اللي همه اكتر من نص العالم العربي بحتة بيعملوا كل الحاجات دي من زمان – نقول جيلين مثلا – بس طبعا مش معناه ان العالم العربي ماشي في سكة واحدة.

لأ ده في مستويات متوازية ومتقاطعة، لسه في جرائم “شرف” يعني رجالة بتنام مع ستات تانية خارج نطاق الزواج بيقتلوا اخواتهم وبنات عائلتهم عشان بيعملوا نفس الحاجة، وناس بتسكر بعد ما تفطر عقب الصيام، وناس المرجلة عندها ضرب الستات والسيطرة عليهم والإسلام أداة فرض سيطرة بتصور واحد يخلي الفقر قدر والرجال قوامين على النساء والرحمة لموتى المسلمين ونحن نفتح العالم لو ذهبنا اليه بالسلاح بينما هو يتأمر علينا ويحاول استعمارنا لو اتى لينا بالسلاح. الخ الخ الخ  

بجد؟ فعلا بجد؟ خيبة كبيرة علينا كلنا والله. المسلسل بكرم زائد وحاتمي ممكن يكون مسلي شوية، يعني كووول بقى نعمل مسلسل عن الجن والعوالم الموازية وكمان والله كوول نشوف شباب الطبقات الغنية في مجتمعنا زي ما همه في الواقع واللي هو بعيد عن شباب الطبقات الافقر بقدر ما يسمح المال والتحرر في أماكن اوسع وعلاقات اكثر فائدة وتنوع مجتمعي.  لكن المسلسل فج وحواره بيعبر عن شخصيات ركيكة مبنية ف ورشة عمل علاقتها بالدراما زي علاقتي باللغة الهيروغليفية (علاقة ميلودرامية سطحية) مع سيناريو مفكك وشخصيات نمطية مسطحة بتتعامل في عوالم موازية لعوالمنا كأنها داخلة حفلة سينما نص الليل وكوول.

يقوم الناس مركزة على ان في بوسة هنا وهنا ومش على التصوير السطحي لعلاقات الحب وان – تصدق- الشباب بتدخن حشيش ومش على اد ايه حياة الشريحة (الرفيعة جدا من المجتمع الأردني طبقيا وماديا) أصلا حياة مغتربة عن عالمهم المحيط بهم بعدة سنوات ضوئية، عن فنه وعن قضاياه وعن معاناة اغلب ناسه وعن حتى طيف التنوع الواسع فيه. هم طلاب نتفليكس (مسلي، وجديد، ويمكن فيه مواجهة الشر بما فيه الجن، الموت فيه سهل، وكذا الحياة، كل شيء سهل … وممل.

كاتب، صحفي، مصري، بتاع حقوق انسان، وموظف اممي سابق، ومستشار في الاعلام والتجهيل والحفر والتنزيل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *