“٣١ اكتوبر – في الربيع الماضي وبينما كنت أمشي في طريق هادىء ساكن، عائدة من نزهتي الريفية، رأيت بقعة سوداء صغيرة على الأرض. انحنيت إلى الأمام، وإذ بي أرى مأساة بكماء تحدث. خنفساء ملقية على ظهرها تلوّح بقوائمها عاجزة، بينما يحتشد حولها جمع من النمل يلتهمونها حيّةًً! أصابني الرعب، فأخذت منديلي من جيبي ورحت أبعدُّ النملات الصغيرات المتوحشة عنها. لكن النملات كانت عنيدة ومتشبثة إلى درجة أن الأمر استغرق مني بعض الوقت قبل أن احرر الخنفساء البائسة . وعندما وضعتها على مسافة أمنة بين الأعشاب، أدركت أن اثنين من قوائمها كانتا قد قُضمتا بالكامل … هربت من المشهد وأنا أشعر بأني أسديت خدمة مُريبة وملتبسة.” خطاب من سجنها كتبته المناضلة والمفكرة الشيوعية روزا لوكسمبورغ لصديقة في ٢ مايو ١٩١٧ وتلخص فيه معضلة كبيرة تواجه كل من يريد التدخل في مواقف معقدة مدفوعا بحس إنساني وبقيمة عليّا للحياة وللعدل ولمقاومة العدوان. سآخذ دائماً، وما استطعت، صف روزا واساعد الخنفساء واتعايش مع شعوري بالالتباس. رابط مقتطفات الخطابات: https://www.bidayatmag.com/node/982
شكرا ل Bidayat مجلة بدايات وللمحرر Fawwaz Traboulsi ولعددها الخاص عن روزا الحمراء التي قادت ثورة ولناشري النسخة المصرية في دار المرايا للإنتاج الثقافي
٣٠ اكتوبر – مثلما دخلت شعوب لعالم التليفون المحمول دون مرحلة التليفون الارضي السلكي الطويلة لا تستبعدوا ان تعبر شعوبنا لعالم من العدل والحرية دون المرور بمرحلة الديمقراطية الإجرائية (الافكار الفارغة اللي بتنزل وانت تحدق في السقف وتسأل نفسك ايه صحاني ٥ الصبح)
٢٨ اكتوبر – بحق مئات المرات اللي ركبت فيها القطر من طنطا ودافع تذكرة كاملة للقاهرة في الساعة ٨٣٠ مساء الجمعة ولم يكن هناك كرسي اقعد عليه بل ومعظم الوقت مفيش حتى مكان جوة العربية لدرجة اني سافرت كتير واقف بين عربيتين وماسك في اي حديدة اًو واقفا ونصفي داخل دورة المياه التي لا مياه فيها ورائحة عفن قديم تحيط بنا ورأسي كلها خارج شباك القطار لاستطيع التنفس وانا انتظر اضواء محطة بنها للتدافع مع اللحوم البشرية نحو احتلال مكان افضل في ممر العربة بعيدا عن النشادر الطبيعية الفواحة ورائحة صدأ حديديةمسيطرة، سينزل ركاب في بنها ويمكن ان يجلس بعض الواقفين ويحسّن المزنوقين من امثالي وضعهم النسبي، بل ويمكن ان ينتهي بهم الحظ لمكان عند الباب حيث الهواء الدافق يدفع روائح الصنان والعرق، ولولا عائق جسدي لسطّحت معظم المرات أي اعتليت سقف القطار (بس تخلي بالك وتوطي جامد عند الجسور العابرة اللي يُقال انها قطعت روس ركاب مسطحين غافلين كثيراً ) … في كل هذه المرات دفعت ثمن التذكرة كاملة وعندما كان صف التذاكر طويلا كنت اركب وادفع ثمن التذكرة وغرامة ما .. في كل هذه المرات لم اتلق اي خدمة سوى من بائعي الشاي وحلويات وحمص البدوي من طنطا … وفي كل هذه المرات كان عساكر القطار والكمسارية يتلقون خدمات مجانية من هؤلاء البائعين عنوة وبلطجة ولكن مقابل ان العرف جرى الا يشتري الباعة الجائلين تذاكر. بحق ثمن كل هذه التذاكر التي دفعتها بصبر ومواظبة دون اي خدمة وبحق كل أكواب الشاي وأكياس الحمص وأقراص الفولية والسمسمية المجانية اللي شفطها الكلاب ببلاش اًو كانت جزء من صفقة مفيدة للبائعين ، كان اكيد من حقنا يركب اتنين شباب بياعين القطر بلاش النهاردة لكن احنا في تصور ناس كتير في بلدنا العريقة اللي بتقدم هدايا للعالم بقينا كدة ????? وأيام الفوضى الجميلة خلاص واللي معاهوش ميلزموش وخلونا ننضف مصر من الإشكال دي وادي واحدٍ منهم قطعنا رقابته تحت القطر والتاني شكله نال جزاءه .. ياما مات ناس تحت القطر وانقطعت أطرافهم ايام ما كنت زبون لكن الموت كان له جلال وكان خطأ يمكن بسهولة تفاديه. الان صار موت كهذا عمدًا ولا معنى له سوى ان احنا بقينا كدة واللي مش عاجبه يمشي اًو يشتكينا. لم يعد القتل حكرا على الدولة وممثليها من رجال الامن بالقانون (اًو بغيره) بل صار متاحا لقطاع اوسع واوسع … وبينما العدل أساس الملك فما يحدث الان هو أساس الفوضى اًو كشف الغطاء عن فوضى كانت الرحمة النسبية وطيبة الناس تحول بيننا وبين طوفانها الفاجر
٢٧ اكتوبر – البغدادي هدية اردوغان إلى طرامب – تعليق صديقي الألمعي Dego Adely اليوم على موت ارهابي لم يعد يهم الكثيرين.
٢٧ اكتوبر – مثقفان مصريان يعيشان في الخليج النفطي، أحدهما يصدع رأسنا كلما التفتنا اليه بعجزنا عن تحمل متاعب التحول الديمقراطي وتحالفنا مع فلول والرضوخ للانقلاب والعمالة لاسرائيل، بينما يحتقرنا الثاني في تعليقاته التنويرية لاننا تحالفنا مع الاسلاميين ولا نريد تحمل متاعب بناء الدولة ولا نفهم ضرورة المرحلة واهمية اجتثاث التخلف الديني وان التعاون مع اسرائيل مهم في الحرب على الارهاب ومواجهة تركيا. وبغض النظر عن سخافات وتلفيق ونرجسية كلامهم الفارغ، ادركت اليوم ان الاجابة الوحيدة عليهما يجب ان تكون هيلا هيلا .. هيلا هيلا هو، هذا المثقف #$٪^&&*
٢٦ اكتوبر – “إن المدافع التي تصطف على الحدود، في الصحارى
لا تطلق النيران.. إلا حين تستدير للوراء.
إن الرصاصة التي ندفع فيها.. ثمن الكسرة والدواء:
لا تقتل الأعداء
لكنها تقتلنا.. إذا رفعنا صوتنا جهارا” — امل دنقل
٢٦ اكتوبر – السيد حسن مواقفه السياسية واضحة وطائفية (ليست مسبة بل تقرير واقع لا ينكره الرجل) وأولوياته مختلفة عن أولويات المتظاهرين المطالبين بدولة وسياسة تقدم لهم صحة وتعليم وإسكان وخدمات اخرى افضل مقابل ما يدفعون من ضرائب وما يؤدون من واجبات. حزب الله معني اكثر بما يحدث في ايران وسوريا واسرائيل، وأحيانًا، فلسطين، ولا يقدم ربطا واضحا اًو منطقيا معاصرا (مش كلام قديم عن الشوكة الاستعمارية والعداء للإمبريالية) بين إرسال جنود لدعم نظام بشار الاسد وإطلاق صاروخيين على اسرائيل من ناحية وحياة الناس اليومية في لبنان وخاصة من هم ليسوا أنصاره من ناحية اخرى. هذا جانب محوري لمشكلته ومشكلة خصومه ومشكلتنا جميعًا في المنطقة: غاضبون نريد خدمات ومساواة وعيشا ماديا كريمًا ومواطنة في مواجهة جماعات وعصابات وطوائف وقبائل وبراميل نفط وبنادق عسكر وغرف تعذيب اجهزة امن تعيش وتتغذى على الواقع القائم ولا يوجد حل سهل في الأفق سوى استمرار وتجدد هذه الانتفاضات والحركات خطوة خطوة وانتصارا صغيرا بعد انتصار صغير.
٢٤ اكتوبر – في ناس كتير عارفة خناقة سد النهضة على ايه بالضبط بس في ناس اكتر مش عارفة. البوست ده للي مش عارفين: مصر مش معترضة على بناء السد خالص والخلاف حول سرعة ملء الخزان خلف السد. اثيوبيا عايزاه في مدة قصيرة (نقول مثلا ٣-٤ سنين) ومصر عايزاة في مدة اطول (مثلا ٦-٧ سنين) وده عشان مصر خايفة عن حق ان ملء الخزان بسرعة ح يقلل المياه اللي ح توصلها وهي طالبة انها ما تقلش عن بتاع ٤٠ مليار متر مكعب في السنة اثناء ملء الخزان بينما الاثيوبيين عارضين انهم يضمنوا ٣١ مليار متر مكعب في السنة … والخناقة على الفرق ده … والطرفين ما عندهمش مشكلة كبيرة بعد فترة الاربع او سبع أو عشر سنين دي اللي ح يتملى فيها الخزان. خلينا فاكرين اثيوبيا مش عايزة مياه لان عندها مطرة تكفيها وزيادة، هي عايزة كهربا. ومصر عندها كهربا (دلوقتي) بزيادة بس ما تقدرش تستغني عن اللي متعودة يوصلها من المياه .. وهي دي المشكلة.
٢٤ اكتوبر – بعد قراءة وتفكير النهاردة في موضوع سد النهضة يبدو لي انه لا يوجد اي طرف في العالم يريد ان يسبب مشكلة وجودية وضخمة لمائة مليون شخص يعيشون غرب السعودية واسرائيل وجنوب اوروبا وشرق ليبيا .. وللأسف ربما يكون خوف هذه الدول على نفسها من اثر الفقر والجفاف في مصر هو الورقة الرئيسية المتاحة لنا للضغط حاليا من اجل تحسين موقفنا. اعرف ان هناك جوانب عديدة لموضوع سد النهضة وان هناك حقوقا ما تاريخية وقانون دولي وتهديدات عسكرية متطايرة في الهواء .. بس تجيبها كدة تجيبها كدة واضح في اخر عشرين سنة ان الورقة الرئيسية في يد مصر تجاه العالم هي خوف الاخرين من ان تضطرب فيها الاوضاع فيحدث ما لا يُحمد عقباه. وطبعا “اضطراب الاوضاع” مسألة نسبية احيانا، فمثلا بالنسبة للامارات والسعودية واسرائيل كان تولي حكومة غير قادرة على ضبط الدولة لاسباب عديدة مسوغ كافي لوصف الاوضاع في مصر في ٢٠١٢-٢٠١٣ بالاضطراب. ولكن اذا ضرب جفاف وفقر مائي مصر لعدة سنوات ستضطرب الاوضاع حقا وسيعاني الجميع في الاقليم وجنوب اوروبا. للاسف يبدو ان هذه ورقتنا الرئيسية الآن (اتمنى ان اكون مخطئا). باتت الدول الاخرى تنظر الى مصر ليس كمصدر فائدة مشتركة يجب تعظيمها ودعمها بل كمصدر تهديد محتمل يجب تحاشيه وضمان عدم تفجره. وهذا هو حالنا ربما من التسعينيات بس مش عايزين نصدق.
٢٤ اكتوبر – أي عودة روسية مظفرة للمياه الدافئة عندما يضمن بوتين امن تركيا ويسيطر على قرار سوريا ويتوسط لنزع فتيل ازمة بين مصر واثيوبيا ويغازل السعودية … بينما يركز طرمب على تغريدات تويتر بكل نزق مراهق احمق وعنيد وفاشل. مرحبا بكم للعالم متفسخ الاقطاب حيث الصين تبدو هي الحلم لدى بشر كثيرون لا يهتمون بان عدد الاويغور المسلمين المحتجزين في معسكرات اعادة تأهيل وصل للمليون شخص او حوالي ٨٪ من كل مسلمي الصين الاويجور!!
٢٤ اكتوبر – في ٢٠١٨ العمال المصريين في بلاد الهجرة حولوا لبلدهم تقريبا ٣٠ مليار دولار يعني حوالي ستة اضعاف ما يدخل مصر من العملة الصعبة من قناة السويس او تقريبا ثلاثة اضعاف دخل مصر من السياحة.
٢٢ اكتوبر – بسرعة كدة رئيس الوزراء الاثيوبي آبيي أحمد (٤٣ سنة) عنده ٤ مشاكل متفاقمة في اخر ٤ شهور وتحديات من الدولة العميقة القديمة وتاريخ اضطرابات عرقية ومنها: ١- اغتيالات سياسية (قائد الجيش، وثانيا، محافظ ولاية امهرة المهم للغاية وكان كمان حليف مقرب لآبيي احمد، وثالثا، رئيس جهاز الامن في نفس الولاية والمتهم بانه كان وراء اغتيال الوالي!)،
٢- السلام اللي اتعمل مع اريتريا توقف تاني وتم اغلاق الحدود وفي بتاع ٢٠٠ الف لاجىء اريتري في اثيوبيا كلهم عايزين يهربوا على السودان ومنها لاوروبا،
٣- مواجهات عرقية متزايدة السنة دي بين الاورومو والصوماليين الاثيوبيين من ناحية، وكمان بين التيجرانيين (الاقلية المتسيدة منذ اعلان الجمهورية) والامهرة المتسيدين قبلهم — الاورمو والتيجراي فيهم احزاب عايزة تنفصل عن اثيوبيا ، (آبيي نصه اورومو ونصه أمهرة ومن عائلة مسلمة مسيحية)
٤- النمو الاقتصادي السريع اللي هو ١٠٪ سنويا بدأ يواجه مشاكل وخصوصا عجزه عن خلق وظائف كافية لشعب ١٠٠ مليون نسمة منهم ٤٠ مليون اقل من ١٥ سنة وهناك مشاكل في اتساع الفوارق (زيادة عدد الفقراء وفحش ثراء القلة الاغنياء)وكلام عن ان مستثمرين اجانب ما عادوش متحمسين زي الاول — طبعا في تقارير عن مليارات من الخليج بس دول مش مستثمرين طبيعين دول ناس بييشتروا ارض عشان ياخدوا زرعها ومائها،
آبيي احمد كسب جايزة نوبل للسلام زي اوباما كدة، عشان عامل زي نسمة الهواء بعد ماساة طويلة في بلاده لكنه لسه لم يثبت بعد نجاحه وعنده مشاكل يمكن اصعب من مشاكل الدول اللي في شماله، وعنده دولة عميقة واطراف وجهات عندها مصالح وسنين طويلة من السيطرة الامنية والاقتصادية مش ح تسلم بالساهل وفقر انا شخصيا عمري ما شفت زيه في حياتي المليانة سفر. لما الراجل ده النهاردة حذر ان اثيوبيا ممكن تحارب عشان سد النهضة اللي تكاليفه خمسة مليار دولار (اقل من تكلفة توسيع قناة السويس والمشاريع التابعة لها) اكد كمان على ان المفاوضات هي انسب طريق لان السد اللي خلص بنسبة ٧٠٪ لا بديل عنه لتوليد الطاقة الكهربائية لاثيوبيا اللي مش محتاجة مياه اصلا بس ممكن تموت اقتصاديا من غير طاقة اضافية. اعضاء البرلمان اللي بجد وجد واللي معندهمش علي عبد العال استجوبوا، ولا مؤاخذة، أبيي أحمد النهاردة قبل ما يطلع على روسيا عشان يقابل السيسي بكرة في جلسات وساطة وسألوه عن تقارير اعلامية مصرية (والاعلام في مصر كله تقريبًا تبع الحكومة) حوالين ان السد يهدد أمن مصر القومي وان مصر لازم تفكر في خيار الحرب، رد وقال بالنص وفقا للوكالات الصحفية: “لا توجد قوة يمكن ان تمنع اثيوبيا من بناء السد… لو كانت هناك حاجة للحرب يمكنا تجهيز مليون (من المحاربين) ولو اطلق البعض صاروخا يمكن الرد عليه بالقنابل، ولكن هذا ليس في مصلحتنا جميعا.” بكرة او النهاردة بليل الصحافة المصرية ح تخرج علينا تقول ان اثيوبيا تستعد للحرب على مصر وانه من قلة الذوق ان آبيي احمد يقول الكلام ده وهو رايح اجتماع وساطة فيه الباشا الكبير بوتين وان اثيوبيا مش عايزة تحل وان مصر لازم توريها العين الحمراء. طبعا عين مصر الحمراء مش فاضية دلوقتي عشان شغالة ع مصريين.