٢ يونيو — ولا تمنعكم جراحة عابرة من ارتداء تي شيرت جميل خاصة لو كان هدية من صديقة راحلة. شكرا للعزيزة Afaf Mahfouz وللوحة Shadi Abousada
أول يونيو — بدأت ملامح غرفة المستشفى البيضاء الباردة ترتسم أمام عيني الخارجتين من عالم هلوسات ما بعد التخدير المحببة، لم أشعر بأي ألم، فبحثت عنها، ونظرت إليها، تلك الساق اليسري وقدمها الملفوفة باربطة الضغط والتعقيم.
تساءلت صديقة واعية: “لماذا تشير لها بلفظة ‘تلك’؟انها ساقك.” فكرت ثم قلت: “لانها خصمي منذ الصغر وها هي ثامن جراحة نمر عبرها سويا منذ عملية فاشلة اجراها طبيب مستهتر في عام ١٩٨٠ ليعالج عيبا خلقيا. افكر احيانا انني قد اكون افضل بدونها.”
ابتسمت الصديقة العاملة بالعلاج النفسي، وقالت: “ولكن ‘تلك’ الساق هي ساقك انت، وحملتك اكثر من اربعين عاما منذ تلك الجراحة الاولى عبر عدة قارات وبلدان ومدن، وربما لو عاملتها برفق وعلى انها جزء منك وليست عدوا، لردت لك المعروف.”
احيانا تساعدنا الفلسفة والتحليل النفسي في التعامل مع الألم، طبعا بعد المسكنات المتدفقة عبر خرطوم المحاليل الى الوريد. ولكن تعليقاتها جعلتني افكر الان في كتابة نص طويل اسميه “أنا … وتلك الساق اليسرى”، ربما يكون بداية المصالحة كي تتركني هذه الساق، ساقي، في سلام، ما تبقى لي من العمر.
بدأت ملامح غرفة المستشفى البيضاء الباردة ترتسم أمام عيني الخارجتين من عالم هلوسات ما بعد التخدير المحببة، لم أشعر بأي ألم، فبحثت عنها، ونظرت إليها، تلك الساق اليسري وقدمها الملفوفة باربطة الضغط والتعقيم.
تساءلت صديقة واعية: “لماذا تشير لها بلفظة ‘تلك’؟انها ساقك.” فكرت ثم قلت: “لانها خصمي منذ الصغر وها هي ثامن جراحة نمر عبرها سويا منذ عملية فاشلة اجراها طبيب مستهتر في عام ١٩٨٠ ليعالج عيبا خلقيا. افكر احيانا انني قد اكون افضل بدونها.”
ابتسمت الصديقة العاملة بالعلاج النفسي، وقالت: “ولكن ‘تلك’ الساق هي ساقك انت، وحملتك اكثر من اربعين عاما منذ تلك الجراحة الاولى عبر عدة قارات وبلدان ومدن، وربما لو عاملتها برفق وعلى انها جزء منك وليست عدوا، لردت لك المعروف.”
احيانا تساعدنا الفلسفة والتحليل النفسي في التعامل مع الألم، طبعا بعد المسكنات المتدفقة عبر خرطوم المحاليل الى الوريد. ولكن تعليقاتها جعلتني افكر الان في كتابة نص طويل اسميه “أنا … وتلك الساق اليسرى”، ربما يكون بداية المصالحة كي تتركني هذه الساق، ساقي، في سلام، ما تبقى لي من العمر.
صورة تلك الساق وهي تحمل قراءات المستشفى اليوم
٢٦ مايو — (كلام فلسفي وحزين فممكن ما تقراش لو مش في المود!)
تلّح عليّ بشدة هذا الأسبوع ملابسات وفاة الشاعر المصري صلاح عبد الصبور منذ نحو ٤٣ عاما. يُقال أن الأزمة القلبية القاتلة داهمته بعد حوار مع اصدقاء في عشاء في مصر الجديدة، انفعل فيه بعض المخلصين الانقياء بسبب قبول عبد الصبور لمنصب رئيس الهيئة العامة للكتاب بما يشمل موافقته على مشاركة اسرائيل في معرض الكتاب. وقال أحد الاصدقاء لعبد الصبور: “انت بعت يا صلاح وبعت بمليم”.
أحد هؤلاء الاصدقاء العظماء فنيا وانسانيا صار صديقا مقربا لي، تحدثنا في كل شيء وتحاشينا هذا الموضوع، حتى سألته فيه مرة، وكانت المرة الوحيدة التي دمعت فيها عيناه ورفض الحديث بلطفه المقيم، وهو يتمتم: “مكانش مفروض يحصل.”
كم مرة ساقنا العناد والمثالية لجرح اصدقاء حساسين بسبب خياراتهم! كم مرة حققنا تلك الانتصارات السخيفة (والان اكثر بسبب السوشيال ميديا) بتوجيه كلام جارح وقاتل (معنويا)! لنختلف ونعبر عن اختلافنا، ولكن بهدوء ودون شتائم واتهامات جارحة، خاصة مع اصدقائنا الذين نعرف. يرحم الله الجميع ويرحمنا.
١٩ مايو — فكرت اثناء رحلة الطائرة فوق المحيط كم كانت ترتاح أكثر لظنها أنها ستسبقه للموت، رغم أنها كانت تكره ان ترحل وتتركه خلفها، وحيدا، تشعر بالذنب والقلق عليه. ولكن أحتمال ان تعيش دونه في الحياة كان يرعبها. وفضلت القلق على الرعب، بعد أن أوصتني ان أكون بجواره عقب موتها. الآن أنفذ الوصية، وأتمنى ان يسود في نهاية المطاف شعورها بالارتياح والتسليم، لروحها ولنا.
١٥ مايو — رحلت عنا اليوم صديقتي عفاف محفوظ، المحللة النفسية وأستاذة القانون والمناضلة في مجالات حقوق الانسان والعمل النسوي، رحلت بعد ان عملنا سنتين على سيرتها الذاتية “من الخوف إلى الحرية”، رحلت بعد ان نالت ما ارادت من حرية ومنحتها لكثيرين حولها، ذهبت بهدوء دون خوف ولا ألم مثلما قالت في اخر فقرة في كتابها، كتابنا نحن جميعا:
“لم أضمر شرًا لأحد في هذه الحياة ولا أخشى عقابًا في جحيم ما بسبب أفعالي، كما لا أتطلع لنعيم دائم في جنة موعودة بفضل ما قمت به. أجلس الآن على مقعدي في منزلي في فلوريدا وأنا أتذكر قصة حياتي، وأتحدث عنها، بينما أرنو إلى الساحة الكبيرة الخضراء أمام البناية، عبر النافذة الزجاجية الكبيرة، وأبتسم لأني أتخيل أحيانًا أنني أري نخيل المنيا على شاطئ بالم بيتش في فلوريدا.”
واني اراك الان تضحكين وتقولين “متشكرين، يُنظر ويُفاد”.
١١ مايو — كلما استمعت للنقشبندي يصرخ بصوته الرخيم المتضرع “وانصرنا على اعدائنا يا اااااا اااا اااا رب” اشعر بمدى اتضاعنا وهواننا في مواجهة كل القوى الخارجية وكل من وقف وتواطئ معها من القوى الداخلية، نخبنا الحاكمة على مدى عشرات السنين، وادرك مدي عمق احساس من هتفوا وراء الرجل في ابتهالاته قبل صلاة الفجر في الحسين او غيره من المساجد او حتى خلف الاذاعات، عمق احساسهم بالظلم ولكن ايضا عمق رغبتهم في التخلي عن المسؤولية او عدم قدرتهم على استشراف واقع او مستقبل آخر .. احساس عميق بالحزن، والهزيمة يلفهم ويلفنا … والعجز عن التغيير من ناحية ولكن الرغبة الدفينة من ناحية اخرى في التمرغ في هذا العجز، في احساس الضحية العاجز المنتظر تدخلا إلهيا. “متجردا من كل جاه … متجردا من كل جاه .. من كل جاااااه … وبغير جاه الله لم يستعصم.” يصير الله المنقذ الوحيد حتى لو قال المثل الشعبي المصري: “اسعى يا عبد وانا اسعى معاك.” ولكن الرجل يختتم الابتهال داعيا للقراءة والتعلم: “إقرأ وربك ملهم .. سبحانه علم الانسان ما لم يعلمِ” ولكن ربما لم نتعلم كلنا، وربما ما زلنا نحتاج ان نتعلم الكثير. “ولغة الكلام كما رأيت على فمي خجلى .. ولولا الحب لم اتكلمِ …. ما حيلة الشعراء زاد غناؤهم رهبا لدى هذا الجلال الأعظم” يا ناس.
١١ مايو —التشاؤل الخلاق هو شعاري وتيشيرتي لعام ٢٠٢٣ حتى اشعار آخر ..
٦ مايو — الشعر اعظم كلام يكتبه الناس لانه يلخص مشاعر كثيرة متناقضة احيانا .. واليوم لا تخرج هذه الابيات من رأسي .. والآسى على ما مات لا يزول تماما ولكن الفرح بما يحيي ويحل محله أهم وأبقى ومثله مثل حفيف اوراق الشجر في شمس الربيع، ويعيش صلاح جاهين لنا ابدا في كلماته:
أنا كنت شيء و صبحت شيء ثم شيء
شوف ربنا .. قادرعلي كل شيء
هز الشجر شواشيه ووشوشني قال :
لابد ما يموت شيء عشان يحيا شيء
عجبي !!
٢ مايو — تشرفت بتقديم طلب لوزارة التضامن الاجتماعي للموافقة على انشاء وعمل مؤسسة حرية الفكر والتعبير لحقوق الإنسان في مصر. وأتعشم انا وزملائي أن يتم اشهار المؤسسة خلال المدة المحددة قانونيا لكي يتواصل العمل الذي تقوم به منذ سنوات عديدة كشركة محاماة، وتوفق هكذا اوضاعها وفقا لقانون الجمعيات الاهلية الجديد في مصر.
ويشرفني ان يضم مجلس أمناء المؤسسة – تحت الإشهار – مجموعة من الشخصيات العامة التي اعتز بصداقتها والاستفادة من خبرتها الطويلة في مجالات عمل المجتمع المدني والتدريس والبحث، وهم:
المحامية الحقوقية راجية عمران، رئيسة مجلس أمناء المؤسسة.
المحامية الحقوقية عزة سليمان، نائبة رئيسة مجلس أمناء المؤسسة.
الحقوقي جاسر عبد الرازق، أمين عام المؤسسة.
المحامية الحقوقية فاطمة سراج، أمينة صندوق المؤسسة.
الأستاذ الجامعي مصطفى كامل السيد، عضو بمجلس أمناء المؤسسة.
لنأمل ان تكون هذه مقدمة لبداية جديدة مفيدة لكل الاطراف المعنية بحقوق الانسان وفي مقدمتهم المواطنين انفسهم اضافة لمؤسسات الدولة والمجتمع المدني.
وفي بيان المؤسسة الصادر اليوم، قال مديرها التنفيذي محمد عبد السلام: “عملنا على مدار سنوات طويلة كشركة محاماة، واستهدفنا دومًا أن نكشف انتهاكات حقوق الإنسان ونقدم الدعم اللازم إلى الفئات المستهدفة. ورغم تغيير الشكل القانوني للمؤسسة بتسجيلها كمؤسسة أهلية، إلا إننا سوف نواصل القيام بكافة أنشطتنا إلى جانب العمل على تغيير قانون الجمعيات الأهلية”.
٢٥ ابريل — السودان لا يواجه خطر التقسيم فهو مقسم فعليا بمناطق نفوذ جغرافيا واقتصاديا، وان ظل اسميا دولة واحدة. الخطر الماثل هو استمرار القتال وتحوله لاسلوب حياة يكتمل معه تفكك ما تبقى من مقومات العيش المشترك والصيرورة مثل الكونغو والصومال، وهو امر تفادته الخرطوم كثيرا في الاربعين عاما الاخيرة عن طريق القتل المنظم واستعمال الميليشيات والنعرات العرقية والدينية .. انقلب السحر على الساحر وبات مسرحه هو ذاته مهدد بالفناء. امر مرعب ولكن للاسف متوقع للغاية ولن يجدي بقايا القوميين والوطنيين الحديث عن مؤامرة خارجية والسعي لانعاش بقايا نظام هو مصدر ذلك السرطان الناهش في تلك البلاد منذ اواخر الخمسينيات. حان وقت دفع الحساب، للاسف.
٢٤ ابريل — زرت عديدا من مواقع بيع السلاح على الانترنت ثم بدأت في مطالبة محرك جوجل بان يبحث عن صور للمدفع الرشاش الثقيل M240 باشكال مختلفة وطرازات من التسعينيات ثم تطور الأمر وطلبت من جوجل ان يبحث لي عن سعر هذا المدفع العسكري في السوق السوداء … ثم ثم انتبهت لما اقوم به وتوقفت لاني فكرت انه لو كان هناك من يراقبني سيكون الموقف غريبا بعض الشيئ. وطبعا في عالم الانترنت هناك عشرات الجهات التي تراقب الواحد وعن طريق خوارزميات تتابع استعمال كلمات معينة في ظروف معينة، وأنا من موقعي الجغرافي وبإسمي العربي وبحثي المريب عن مدفع رشاش وعن سعره واين يتوفر …. انا مرشح مثالي للمراقبة.
هل تعتقدوا انهم سيصدقوني لو ذكرت السبب الحقيقي وهو أنني اكتب مشهدا في رواية بطله تاجر سلاح في أفغانستان:)
٢٤ ابريل — تسلم ايدين نوارة نجم اللي خرجت لينا كتاب رائع مش عشان هي بنت الشاعر الاستثنائي احمد فؤاد نجم والكاتبة المتفردة صافي ناز كاظم وبتحكي عنه وعنها، بل ربما بالرغم من كونها ابنتهما، اعظم ما في الكتاب بالنسبة لي هو كيف تعاملت نوارة معهما وكيف نجت من تأثيراتهما السلبية وورثت بعض أقوى وأغنى خصالهما ثم تسامحت معهما واحبتهما حبا صحيا .. رائع والله. وكنت اتمنى ان تكتب نوارة عن علاقتها بصافي ناز اكثر وعن هذه المرأة الفريدة نفسها، وعن مشاعرها هي ذاتها وتحولاتها، ولكن هناك ربما كتاب أخر هنا. شكرا على الصراحة والشجاعة وكمان النوافذ الكاشفة التي نظرنا منها لحياة قطاع كبير من مثقفي ومبدعي مصر وتطورات بلدنا في اخر خمسين سنة. “وانت السبب يا با … الفاجومي وأنا” كتاب بديع.
٢٣ ابريل — كتابان غيرا حياتي وقرأتهما وانا عندي ١٥ سنة وهما “الملل والنحل” للشهرستاني ورواية “دميان” للروائي الألماني هرمان هيسه (والثانية كانت صعبة لاني ساعتها كنت اتعلم الانجليزية واقرأ مستعملا قاموس مدرسي بسيط). مدين لهما حتى الآن بالبعد عن الاحكام القاطعة والابتعاد عن ثنائية الخير والشر والصح والغلط. عاشت الكتب بمناسبة يوم الكتاب العالمي!
قرأت الملل والنحل في أحد غرف مطالعة دار الكتب في المنصورة والمطلة بشبابيك هائلة الارتفاع على نهر النيل، كانت الدار وريثة مكان نشأ كاستراحة قوارب للعائلة المالكة في القرن التاسع عشر قبل ان يتحول لدار عامة للقراءة ثم استولى الاتحاد الاشتراكي ثم الحزب الوطني على نصف المبنى قبل ان يحترق في عام ٢٠١١ ثم تقرر النخبة المصرية الحاكمة تحويله لفندق (في الاغلب لم ينجح) ثم لمتحف للمشاهير ثم ثم ثم (هناك صورة مقبضة له اسفل وقد انسدت شبابيكه الجميلة الهائلة التي احترقت بقوالب طوب احمر في فترة ما من عذاباته الممتدة …
وحصلت على نسخة قديمة من رواية دميان من شاب أوروبي كان في رحلة للقاهرة والتقيته في نزل الشباب بجوار كوبري الجامعة في المنيل في القاهرة في ١٩٨١ او ١٩٨٢ ..
23 April — I remember a couple of #WFP people gloating about the political acumen of David Beasley, former executive director of this gigantic multi billion dollar UN organization, when he often meddled into hard politics despite the alleged principles of impartiality and neutrality of a UN organization. I dedicate this NYT article to them as I and many other former and current UN staff members remain critical of his behavior and the increasing brazen politicization of global humanitarian action. Here is a quote:
“Some began to treat the generals as statesmen. In February, the head of the World Food Program, former Gov. David Beasley of South Carolina, caused quiet consternation among Western embassies in Sudan when he was a guest at two consecutive public ceremonies. First, General al-Burhan bestowed on him Sudan’s highest civilian award, the Order of the Two Niles; the next night, he was the smiling guest of honor at a dinner hosted by General Hamdan.”
Since these two generals started fighting last week over 400 civilians have been killed in Sudan including 3 World Food Programme staff members. Three WFP People ….
٢١ ابريل — ما يحدث في السودان لا يدهش اي متابع مدقق لهذا البلد منذ بداية هذا القرن، بل وكان متوقعا، ولكنه يوجع القلب وخاصة عندما يصبح طرفا المواجهة الحقيقيين عسكر ضد عسكر تهرس احذيتهم اجساد الناس، ولاسيما الفقراء.
لطالما فضل جيش السودان التركيز على الاستئثار بالسلطة والاعيب القمع والتربح السياسي ومؤامرات المخابرات والتحالفات مع الاخوان والبقاء في الخرطوم وذلك منذ اول انقلاباته في ١٩٥٨ بعد الاستقلال بعامين وحتى اليوم. ومنذ الثمانينيات فضل النظام العسكري توكيل ميليشيات دموية عنه في القتال والمذابح في جنوب السودان ودارفور حتى صارت هذه الميليشيات تحت اسم قوات الدعم السريع جزءا من قوات البلاد المسلحة الرسمية في السنوات القليلة الماضية.
وصار للجيش وللميليشات تحالفات مختلفة داخل وخارج البلاد من الامارات والسعودية حتى اسرائيل مصر، ومناطق سيطرة ونفوذ متشابكة ومنفصلة في قطاعات البلاد الاقتصادية المنهكة من النفط والذهب حتى الموانىء والاستيراد. . وكانت المواجهة حتمية بين الجنرالات برهان وحميدتي، قائدا الفصيلين، وهكذا منذ اسبوع وثلاثمائة قتيل مدني يتقاتل الطرفان بشراسة وبجاحة ويتنافسا على من هو الوكيل الافضل لطرف ما في الخارج ومن هو الاقدر على فرض “استقرار” جديد.
حاجة توجع القلب وإن لم تدهش العقل!
تحت صورتي في موقع قوات حفظ السلام في كادوقلي عاصمة كردفان منذ ١٤ عاما عندما كانت هناك كتيبة مصرية ضمن القوات (انظر للرسوم الفرعونية والعلم في الصورة خلفي) ولهذه الكتيبة ودورها في هذا الاقليم في تلك السنوات السابقة على انفصال جنوب السودان (حدث في ٢٠١١) حواديت مجالها مش هنا. كان القلب ساعتها يأمل في سلام وانتقال حقيقي في السودان لكن العقل كان يعرف ما جرى من مذابح وقتل في وسط وجنوب وشرق وغرب السودان وإدمان النخبة السودانية للفشل كما قال الكاتب الراحل ووزير الخارجية السوداني السابق منصور خالد.
١٥ ابريل — زيارة اليوم الى قصر عمرة – فريسكو الحوائط والاسقف من حمام للعائلة الأموية الحاكمة واستراحة صيد من اوائل القرن الثامن الميلادي، وإلى قصر الخرّانة، خان مسافرين من عصر الخليفة الأموي الوليد بن عيد الملك (٧١٠ ميلادي) شرق الاردن .
١٥ ابريل — ولقد ضربت عشر حلقات من جعفر العمدة ورا بعض وادركت بصفتي مصري نشأ في قلب الطبقة الوسطى كيف يداعب المسلسل كل الاحلام والاوهام المفشوخة والمحطمة، خصوصا عند الذكور، بالضبط زي ما “ليالي الحلمية” وامثالها داعبت وطبطبت على قطاع من الجيل اللي قبلي اللي اتربوا في ضل ناصر … كاس بيض ممشش وداير. وعايز اقول اني اعرف كويس اتنين رجالة مصريين بيتكلموا ويتصرفوا زي جعفر بس معاهمش فلوسه ولا قادرين يتجوزوا اربعة، وطبعا عندهم كرش مش عضلات بطن وصدر محمد رمضان اللي شفناهم كتير في المسلسل.
٨ ابريل — وادي رم في جنوب الأردن.
٧ ابريل — قرأت كتاب محمد أبو الغيط “أنا قادم أيها الضوء” مكتملا ودفعة واحدة في يومين بعد ان قرأته متفرقا على مدى سنة، احزنني الكتاب مرة اخرى، بقدر ما يكون الحزن مفيدا، ولكنه أراحني وجدد مصالحني مع الموت، أو كما كتبت عنه منذ عدة أشهر عقب رحيل محمد، الذي غادرنا بعد اسبوعين او أقل من الانتهاء من اخر ما سطره للكتاب.
رابط ما كتبت ولكن ربما أهمه :
“علاقتنا كلنا بالموت صعبة وثقيلة ومعقدة، من يؤمن منا بالحياة بعده ومن لا يؤمن. مفجع أن يتعامل الواحد مع الأبدية، مع ألا تكون هناك فرصة للاستئناف، للمراجعة، للقاء أخير، أن تنتهي الحياة كلها وندخل في عالم الشهادة أو المجهول. واجهتُ الموت، مثل غيري، مرات عديدة في مناطق عملي في قلب صراعات مسلحة ووسط جماعات عنف وإرهاب وجيوش تنظر للبشر كخسائر عرضية، وبت لا أخاف موتي، ليس بشدة على الأقل، ولكن احتمال وواقع موت من أحب ما زال يهزني بشدة. ربما لأنه يتركني أواجه حياة منقوصة دونهم. وربما كان ذلك أحدث (وليس آخر) دروس محمد، وزوجته إسراء؛ عن كيفية التعامل مع رحيل من نحب.”
لو كان محمد هنا لكتب مقالًا بديعًا عن الموت يتحدث فيه عما يجري للراحل في لحظاته الأخيرة عاطفيًا وجسديًا، عن الفزع، عن المقاومة، عن الاستسلام الجميل، عن ماهية الحياة وعن معنى الموت، جسديًا وروحيًا، عن لوعة الخسارة التي تجفف حلوق وتثقل قلوب الأصدقاء والأحباء والباقين، عن الحقائق العلمية لتلك المشاعر والتغيرات الكيميائية التي تسببها وتنتج عنها.
لو كان محمد قادر على أن يحادثنا لألهمنا بعض الفهم والصبر، بل وقوّانا، كما فعل معي من سرير مرضه، بصوته الذي أوهنه السرطان ووضوح بصيرته وقوة عزيمته وفهمه الثاقب والمركب للحياة، كما كان في حديث ألقاه بالفيديو لمنتدى في القاهرة قبل رحيله ببضعة أيام.
ولكن محمدًا ذهب، ولم يعد لي، ولكم، سوى أن نقرأ ما كتب، وأن نبكي رحيله وخسارتنا الفادحة، ثم نواصل العمل والكتابة والتفكير والتعاطف الحق الفاعل مع كل من وما حولنا لنجعل عالمنا مكانًا أفضل وألطف وأكثر رحمة.
هكذا كان محمد، وهكذا ينبغي أن نكون.”
٦ ابريل — ولأن الكتب كثيرة والوقت قليل، احب عروض الكتب، وأساهم فيها كلما استطعت مثلما فعلت هذا الاسبوع على موقع المنصة مع كتاب ياسر رزق عن السياسة المصرية والسيسي في السنوات ٢٠١١-٢٠١٤. الكتاب مهم حيث أنه:
“مع العجز شبه الكامل عن الاطلاع على وثائق الأرشيف المصري الرسمي، وتحديدًا ذلك الذي يتعلق بما قامت به الدولة ومؤسساتها وقادتها منذ 1952، صار الاعتماد على مذكرات وذكريات السياسيين ورجال السلطة والصحافة المقربين منهم، وأغلبيتهم الساحقة من الرجال، مصدرًا رئيسيًا أكثر من اللازم لمعرفة ما جرى في أروقة السلطة في السبعين سنة التي انقضت منذ قيام الجمهورية. ويتعامل الواحد مع هذه الكتب، رغم فائدتها، بحذر مطلوب كمصدر للتاريخ، لأنها تعبر في نهاية المطاف عن وجهة نظر صاحبها وما شهده من حوادث ومدى مصداقيته وحساباته السياسية والشخصية. ومن هذا المنطلق، تجب قراءة كتاب الصحفي الراحل ياسر رزق، “سنوات الخماسين: بين يناير الغضب ويونيو الخلاص”.
ويعتمد كتاب رزق بشكل أساسي على مقابلة مطولة أجراها مع الرئيس السيسي في أكتوبر/تشرين 2013، وامتدت أربع ساعات، وهي المقابلة التي تسربت شرائطها المسجلة فيما بعد بفضل ما يصفه رزق بأحد “ذيول” الإخوان “داخل جريدة المصري اليوم”. ويشير الكتاب إلى محادثات مطولة مع عدد كبير من القادة العسكريين، ولكنه لا يضم أي مصادر أخرى أو مستندات. وحتى في مائة صفحة ملحقة بالكتاب لا توجد سوى نسخ من مقالات المؤلف، ونص حوارين مع السيسي. ورغم الثروة الهائلة من التصريحات والمشاهدات التي يوردها كتاب رزق، فمن الصعب اعتباره مصدرًا موثوقًا للتأريخ لتلك الفترة. وهو أمر ممكن مع كتب صحفيين مقربين من الأنظمة السابقة، وفي مقدمتهم هيكل الذي يقول رزق إن السيسي كان من أشد المعجبين به وبـ”رؤاه وأفكاره… وطالع جميع مؤلفاته أكثر من مرة”. ولكن الكتاب سيظل مهمًا بصفته مصدرًا للإطلاع على تصورات النخبة العسكرية الحاكمة عن السياسة وعن وقائع ما جرى، وليس عن حقيقة تلك الوقائع نفسها.
ولهذا يستحق القراءة للمهتمين بتلك الفترة من تاريخ مصر.” واليكم رابط المقالة هنا
٤ ابريل — صباح الأمس سألت الناس ممن يحبون الانشاد الديني والغناء الصوفي: “لمن تستمتعون؟” وهذه هي الأجوبة كلها (تقريبا)، رتبتها فقط جغرافيا والآن استمع لمن لا أعرفه منهم وهم كثيرون. (مصر أطول قائمة لأن معظم الاصدقاء والمتابعين من هناك، وطبعا بسبب عدد السكان الخ)
* مصر
محمد عمران
سيد النقشبندي
ياسين التهامي
محمد منتصر
طه الفشني
محمد الطوخي
محمد الهلباوي
سيد الصفتي
احمد التوني
وحيد ابو الحسن الشرقاوي
علي محمود
محمد الشربيني
الشيخ ايمن عبدالعزيز
الشيخ ايمن هريدي
محمد الفيومي
أمين الدشناوي
محسن سلام
أحمد برين
عبد النبي الرنان
احمد العجوز
سيد عسر المعلاوي
الشيخة صباح غريب
سعيد حافظ
زين محمود
عبد العظيم العطواني
عبد التواب البساتيني
كامل يوسف البهتيمي
الشيخ عليوة ثابت
فؤاد عبد المجيد
فرقة الحضرة
*سوريا
حمزة شكور
صبري مدلل
حسن حفار
احمد الازرق
معتصم العسيلي
نور الدين خورشيد
عدنان الحلاق
منصور زعيتر
توفيق المنجد
محمد العربي السرغيني
خالد بلغوزي
*المغرب العربي:
أحمد جلمام (تونس)
فرقة بن عربي
رشيد غلام (المغرب)
خليفة ولد ايد (موريتانيا)
ديمة منت آب (موريتانيا)
*جنوب اسيا وبقية العالم
نصرت فاتح علي خان
عابدة بارفين
صبري برازرز
شهرام نظيري (كردي فارسي)
علي اصغر رحيمي
علي رضا قرباني
عليم قاسيموف (أذربيچان)
سالار عقيلي
سامي يوسف
فرقة الفردوس
٢ ابريل — من أعمّق ما قرأت عن المظاهرات الاسرائيلية دفاعا عن المحكمة العليا، تستحق القراءة كاملة، وفيها:
“مع نضوج هذه التحوّلات، وبعد أن بات واضحًا أن التيّار الجديد (اليهود الشرقيين والمتدينين) قادر على تحقيق أغلبيّة برلمانيّة والاستيلاء على الحكم والتشريع، اتضح للتيّار القديم (الاشكنازي الاوروبي)، ذي الوعي التنويريّ، أن المؤاخاة المتّزنة بين الجريمة والحياة الديمقراطيّة لم تعد مضمونة. أن الواجهة القضائيّة البيضاء التي غطّت بُنية العنف الدمويّ (واعتُبرت “آليّات قضائيّة محليّة” تحمي القيادات العسكريّة من الملاحقة في المحاكم الدوليّة!) بدأت تتآكل. اشتدّت المقاومة الشعبيّة الفلسطينيّة في نهاية الثمانينيّات، وازداد المستوطنون والجيش عنفًا وهمجيّة. بدأت العمليّة السلميّة أمام منظّمة التحرير، إذ نضجت لدى النخبة الأشكنازيّة القديمة، وعلى رأسها رابين، قناعة بضرورة إعادة بناء منظومة السيطرة بشكلٍ جذريّ، لا سيما في الضفّة الغربيّة وغزّة. وجاءت حقبة أوسلو محاولةً لترميم المنظومة القديمة – تلك التي تتآخى فيها الجريمة مع القانون -، واضطرتهم هذه العمليّة إلى تأسيس سلطةٍ ثبت على المدى البعيد أنّها وكالة للاحتلال.”
أول ابريل — وفتحت محطة اغاني اتسلى فامتلئت السيارة بأغنية زياد الرحباني السياسية “بس الجوع كافر”، ههههه .. دي چي احمق!؟ ودعوت الله الا يسمع الاغنية احمق آخر في الساعة الاخيرة قبل الافطار عندما يتجنن الناس في شوارع بلادنا فيغضب ويستل سيفا او سكينة ويطلع على المحطة يوريهم ازاي الجوع كافر وهو بيصرخ: يا كفرة ازاي تهينوا رمضان والصيام!؟
٣٠ مارس — بعد محاولات ساعة بمفردي فشلت بجدارة، وبعد مساعدات خبير على التليفون وساعة من العناء والعبث تمكنت من استعمال بوابة المدفوعات الالكترونية الحكومية عشان ادفع للحكومة فلوس، وطلعت لي شاشة بتقولي ح نزود واحد في المية عمولة للحكومة نفسها اللي هي بدفع لها الفلوس اساسا، وفي النهاية طلعت لي شاشة من البنك بتقولي ان معلومات البطاقة البنكية ورقم السر يتم عبر موقع غير آمن، وح تكمل على مسؤوليتك؟، قلت لهم طبعا، ومعنديش حل تاني غير اني اثق في هذه الحكومة الذكية مجبرا.
يا رب بحق رمضان رجع لنا الحكومة الغبية.
٢٧ مارس — يستهلك المواطن المصري اقل من ٨ كيلو جرام لحم احمر في العام مقارنة بالمتوسط العالمي الذي يتعدي ٣٧ كيلو سنويا، وكان نصيب المواطن المصري اكثر من ١٣ كيلو جرام سنويا في عام ٢٠١٥ (عندما كان الدولار يساوي اقل من ثمانية جنيهات مصرية وقد تعدى الان ٣٠ جنيها) — وهذا وفقا لمشروع حلول للسياسات البديلة التابع للجامعة الامريكية في القاهرة. وهذا رابط التقرير..
وتستورد مصر نحو ٤٥٪ من احتياجاتها من اللحوم الحمراء.
ووفقا لمقال في الموجز الاسبوعي للمشروع: “تُعرَّف الفجوة الغذائية بعدم التناسب بين الكميات الغذائية اللازمة وعدد السكان، الأمر الذي يؤدي بالدولة المعنية إلى استيراد الغذاء من الخارج. تمثل الواردات الغذائية من 40 إلى 50% من استهلاك المصريين للغذاء، ولذا تعتبر مصر ضمن البلاد الأكثر عرضة لخطر الفجوة الغذائية نظرًا إلى ارتفاع الأسعار العالمية والصدمات التجارية، وما سببته فاتورة الاستيراد من إثقال على الميزانية العامة للدولة وزيادة العجز في الميزان التجاري. وتحتل مصر – قبل التخفيضات المتتالية للجنيه وارتفاع التضخم – المرتبة 56 من أصل 113 دولة في مؤشر الأمن الغذائي العالمي، أقل من المتوسط الإقليمي والذي يبلغ 62.8، وينعكس هذا في معدلات سوء التغذية، حيث وصل التقزُّم بين الأطفال إلى 13% ويعاني 4% من الأطفال دون الخامسة من نقصٍ في الوزن.”
وواصل المقال: “لرفع إمكانيات الثروة الحيوانية في مصر، تتركز التوصيات في دعم صغار المربين وتوسيع قدرات الإنتاج المحلي بتقليل الاعتماد على الأعلاف المستوردة. وفيما يخص المربين، توصي التقارير المتخصصة بإعادة هيكلة ورفع كفاءة الجمعيات التعاونية الزراعية على مستوى القرى والمراكز والمحافظات، وتفعيل دورها الحقيقي فى خدمة القطاع الزراعي والإنتاج الحيواني، ودعمها في توفير فرص التدريب ونقل التكنولوجيا للمربين. ولتقليل الاعتماد على الأعلاف المستوردة (حيث تستورد مصر90% من احتياجاتها من إجمالي الأعلاف، التي زادت أسعارها في 2022 بنسبة 40-45%)، يوصي الخبراء بضرورة تطوير البنية التحتية لمزارع وزارة الزراعة القائمة والتي تعمل حاليًّا بـ40% فقط من طاقتها وتوجيه جزء من التمويل الأجنبي الذي تحصل عليه مصر لتحقيق الأمن الغذائي لهذه المزارع.”
٢٠ مارس — شكرا للروائي العظيم كيندرد ديك والمترجم الجيد محمد السعدي على وقت مسل وقراءة ممتعة تبخرت معها ساعات الطيران … رواية هائلة لمن يحبون الخيال العلمي والاهم لمن يتساءلون عن معنى ان نكون بشرا وعن الحب وعن اشياء اخرى عديدة
٩ مارس — قرأت ستة تقارير اخبارية في صحيفتي جريدة الشروق – Shorouk News و المصري اليوم عن مقتل سبعة افراد من اسرة واحدة في الاسكندرية على يد الأب بسلاحه، وذكرت بعض التقارير تفاصيل الاصابات بل واسماء الضحايا الاطفال الثلاثة ووصول النيابة وعدد الطلقات الفارغة ولكنها لم تذكر اسم الاب القاتل.
المتهم برئ حتى تثبت ادانته (من باب ان صحفنا معنية جدا للغاية بكود الشرف المهني)، ولكن لماذا لم تذكر ولا واحدة منها وظيفة الأب، بينما المواقع الصحفية الاقل اهمية تدعي ان الرجل المتهم بالقتل يعمل أمين شرطة وإن لم توضح لنا اذا كان قد استعمل سلاحه الميري في القتل (طبعا واحدة من الصحف المستقلة كاتبة من غير ما توضح ان الرجل استعمل سلاحه الخاص، وبعد ما عرفنا “الادعاءات” – مشيها ادعاءات – بشأن مهنته، عرفنا ليه وصف السلاح ب “الخاص” كان مهم.
الوضع الصحفي صعب للغاية، ومع احترامي للحسابات المعقدة للزملاء في مصر والمحشورين في حتة دين زاوية ربنا ما يوريها لحد، إلا انه عيب بصراحة. عيب قوي.ومش على حكاية مهنة المتهم بالقتل بغض النظر عن صحتها، بس عشان التغطية الماسخة للموضوع كله واللي خلت واحدة من الصحف تكتب في العنوان ان الرجل اطلق النار بعد ان رفضت الزوجة الرجوع لمنزل الزوجية، وكأنها غلطتها انها وولدها وابوها واخواتها انضربوا بالنار. طبعا نفس الصحفي اللي كتب الخبر ممكن يكون اتمطع واستنطع وكتب تهنئة لكل النساء بمناسبة اليوم العالمي للمرأة النهاردة. آه يا بلد!
٢ مارس — مقالتي هذا الاسبوع على موقع المنصة عن فزع سكان الزمالك والانهيار المتواصل لما تبقى من القاهرة .. وحيث ان موقع المنصة العظيم الذي نشرها محجوب احيانا في مصر فاليكم رابطها على موقعي
ولمن لا صبر لديهم لقراءة ١٥٠٠ كلمة هذه بعض فقرات المقال:
في اقتراح يعبر عن مدى قلق قطاع ليس بالصغير من سكان حي الزمالك بالقاهرة، طالبت إحدى المشاركات في جروب مغلق بالتعاقد مع شركة أمنية يمكنها التعامل مع غزو شباب إمبابة والأحياء الأخرى القريبة لشوارع الحي.
من هم “الشباب الغزاة” الذين أثاروا قلق السكان؟ ولماذا تدفقوا على الزمالك في السنوات الأخيرة؟
وسط شوارع الزمالك الضيقة، وعلى الأرصفة المحطمة لشوارعها الأكبر نسبيًا، يسير هؤلاء الشباب بين السيارات الزاحفة في زحام مروري يلتهم معظم اليوم. يُمكنك عند السير في الشوارع الجانبية أن ترى شابًا وفتاة ممسكي الأيدي في حوار هامس يتقارب فيه الوجهان بين سيارتين متوقفتين بحذاء أرصفة انخلعت بعض بلاطاتها وحجارتها.
أو ترى جماعات مختلطة منهم يسيرون في الشوارع في مرح وعبث. يقف الشباب أمام محال بعينها، يلتقطون صورًا لبعضهم البعض بجهد وعناء حتى تكون الصور جميلة. تكتظ المساحات العامة بالشباب في منزل كوبري 15 مايو القادم من المهندسين، حيث يتزاحمون عند مدخل ساقية الصاوي، خاصة لو كانت هناك حفلًا غنائيًا. أو يتراصون على السور الحجري للنيل عند المنزل الآخر للكوبري القادم من بولاق أبو العلا، وخلفهم على الجانب الآخر من النيل تشهق أبراج ساويرس القبيحة بينما يقف بجوارهم قصر عائشة فهمي تحت حصار الكوبري والدخان والإهمال.
عشرات يسيرون في جماعات تتدفق منها حيوية وطاقة الشباب، وبعض عنفهم وخشونتهم، ورغباتهم المتفجرة، وممارستهم المفرطة لحرية يبدو أحيانًا أنها تبدأ وتنتهي، بالنسبة لهم، داخل هذه الجزيرة المتعبة، الزمالك. يصل الزحام أشده يومي الخميس والجمعة بسبب عطلة نهاية الأسبوع، ثم في الأعياد حيث يتبارى الشباب أحيانًا في أزيائهم أو قصّات شعرهم. هذه فتاة بجيبة جلدية قصيرة فوق الركبة، وهذا شاب طلى بعض شعره بألوان زاهية، وتلك فتاة بحجاب مبتكر تضع ذراعها حول خصر رفيقها.
يرتدي معظمهم بنطلونات جينز ممزقة بحساب، وأحذية رياضية مقلدة لماركات عالمية، وتي شيرتات تحمل صورًا وشعارات. ويحمل كثير منهم كاميرات تصوير رقمية، بينما يشرع الباقون هواتفهم المحمولة لالتقاط الصور لرفاقهم. ويقف كثير من هؤلاء المراهقين أمام عدد متزايد من مطاعم الوجبات السريعة والكافيهات، يلتهمون الساندويتشات أو يمعنون النظر في قوائم الأسعار. وفي ساعات الليل المتأخرة، أو الصباح المبكرة، يتشاجر بعضهم، عادة بالزعيق والسباب دون تلاحم. أو يغنون ويتحدثون بصوت عال، فيقلقون راحة النائمين من كبار السن.
يشعر الواحد بطاقة متفجرة من حوله، وجرأة حسية تختفي على الأغلب بمجرد عبور الكباري الخارجة من جزيرة الزمالك إما نحو وسط البلد، حيث يتسكع مخبر بين كل مخبرين اثنين وحيث أُغلقت معظم الأماكن العامة ومقاهي الشارع، أو نحو إمبابة وبولاق، حيث السيطرة الذكورية المحافظة والشوارع الضيقة الخانقة التي لا تمنح الشباب أي فضاء حقيقي، أو حرية، ولو حتى نسبية، في استعراض بعض مشاعرهم وارتداء ما يحلو لهن/لهم
٢ مارس — لا أري في مخيلتي منذ فتحت عيناي حقا في هذا الفجر المظلم سوى باب هذا القبر الفينيقي في متحف بيروت منقوش عليه: “كن شجاعًا .. لا أحد خالد.”
استيقظت في الواحدة والثالثة وأخيرا في الرابعة فجرا. في أول مرتين راوغت فروق التوقيت التي توعز لجسدي بالاستيقاظ، ولكن في المرة الأخيرة لم اتناول هاتفي فقط لأعرف كم الساعة، بل لأضيّع الوقت طامعا في عودة النعاس متصفحا تويتر وفيسبوك والايميلات. هناك عالم بحاله قد استيقظ في هذا الكون الفسيح. كنا حقا ما زلنا قبل الفجر في سان فرانسيسكو حيث وصلت من يومين، ولكن ساعتي البيولوجية، وعلاقاتي الحقيقية والافتراضية، وحياتي ما زالت مضبوطة على الوقت في شرق المتوسط حيث يتهيأ الناس ربما للغذاء.
ها هو خبر مفرح من دار الكتب خان Al Kotob Khan والصديقة كرم يوسف Karam Youssef.
أخيرا صدر كتابي اليوم عن الصديقة العزيزة الملهمة عفاف محفوظ Afaf Mahfouz، “من الخوف إلى الحرية”، تلك المرأة التي اضربت عن الطعام في مدينة المنيا منذ سبعين عاما لتجبر أهلها على ارسالها للجامعة في الإسكندرية وهي في الخامسة عشر من العمر، تلك الصديقة التي أصبحت مثلا أعلى لي، وصارت أقرب إلي من أي امرأة اخري في العامين الماضيين بسبب عملنا المتواصل على الكتاب الذي يروي قصة حياتها من مدارس الراهبات في المنيا، لكلية الحقوق في جامعة الإسكندرية، لمحاضرات عالم النفس چاك لاكان في باريس، للعمل في السفارة المصرية في واشنطن، وفي جامعة حلوان في القاهرة، ثم في التحليل النفسي والمجتمع المدني في نيويورك، تلك المرأة التي كان يمكن لها ببساطة ان تصير أحد نسويات الدولة وعُرضت عليها وزارة الإعلام في مصر السبعينيات ولكنها فضلت الاستقلال والحرية.
في العقدين الماضيين انضمت عفاف لمجموعة نساء شكلن حياتي وجعلني انسانا افضل، صارت تقف على مقربة من زوجتي ورفيقة حياتي تمارا الرفاعي Tamara Al-Rifai ، وصارت تقارب أمي فردوس حنفي من حيث التأثير، وأصبحت فعليا واحدة من نساء اخريات أشعر نحوهن بالامتنان والدين سواء من عرفتهن مهنيا من الصحفيات والكاتبات في مراحل مختلفة من عمري مثل أمينة شفيق، Amina Shafik ودلال البزري Dalal El-Bizri، ونوال مصطفى Nawal Mostafa، ودينا عزت Dina Ezzat، ولينا عطا الله Lina Attalah، ونورا يونس Nora Younis، و ديانا مقلد Diana Moukalled، وعاليا ابراهيم Alia Ibrahim — ، أو هؤلاء الذين تأثرت بهم مهنيا وانسانيا من العاملات في الأمم المتحدة والمجتمع المدني والاكاديمي مثل دانييلا براون ونايلة صبرا ونادية يونس وأميرة حق، وهدى الصدة Hoda Elsadda وأميمة أبو بكر Omaima Abou-Bakr ، وأخيرا بسمة قضماني.
منذ سنوات تتعايش عفاف مع مرض ميئوس الشفاء منه بكل شجاعة معظم الوقت، وبحزن وغضب في أحيان قليلة للغاية، مزيج من الحكمة والرواقية ألهمني بطرق متعددة. وفي نفس الوقت كانت قضماني تكافح مرض السرطان بكل عزة وكرامة.
اليوم صدر كتابنا (قصة عفاف التي روتها وكتبتها انا)، واليوم رحلت بسمة.
والآن أفكر دون توقف في مغزى هذا الشعار المنحوت باليونانية على هذا القبر البسيط في ذلك المتحف الانيق في تلك المدينة المعذبة، “كن شجاعا، لا أحد خالد”.
أتمنى ان امتلك نصف قدر شجاعة بسمة ، المناضلة والمثقفة والسياسية والانسانة السورية التي لعبت أدوارا عديدة في الأعوام الثلاثين الأخيرة ونالها من سخافات الذكور والإسلاميين والبعثيين ما نالها فلم تتوقف، وأتمنى ان امتلك نصف قدر شجاعة عفاف محفوظ، المحللة النفسية واستاذة القانون والمناضلة السياسية والصديقة التي خرجت من قلب صعيد مصر ولكن قلبها ما زال يهتز لذكري أشجار نخيل المنيا التي ترى مثيلتها في حديقة منزلها في فلوريدا وتفكر كم انها تحمل في قلبها وعقلها كل ما مر بها وان هذا ما يساعدها على مواجهة الفناء المحتوم، فنائنا جميعا.
أشعر بالرضا لصدور الكتاب أخيرا.
ويحاصرني حزن عميق وبعض إحساس بالخواء بسبب رحيل بسمة.
وأحاول مع الشمس التي تحاول ان تشرق من خلف سحب تسيّدت سماء سان فرانسيسكو في اخر يومين أن استمد منهما، من عفاف الباقية بابتسامتها وسخريتها وحكمتها، ومن بسمة بذكائها السياسي واصرارها ودأبها، — أحاول أن استمد من حياتهما، تلك المستمرة بشغف وتلك التي انتهت بكرامة، بعض الحكمة والصبر والشجاعة.
أنظر الى حياتهما وانا موقن ان تفكيري فيهما هما الاثنتين سيساعدني كي لا يطرحني الحزن والفزع ارضا، وكي اواصل مثلما كانتا تريدان، لا شك، العمل رغم الحزن والحداد، كي اترك انا أيضا، مثلما فعلتا وتفعلان، في يوم ما ذكرى تساعد من يواصلون منا على التمتع بالحياة والعمل من أجل جعلها أفضل والسخرية من بعض طموحاتنا المغرورة قليلا ومخاوفنا المبالغ فيها قليلا والبهجة والفرح بانتصاراتنا الصغيرة.
شكرا يا عفاف على كل البهجة والمراجعات الفكرية والعاطفية التي اثارها عملنا سويا على مدى أعوام لوضع هذا الكتاب، وشكرا يا بسمة على كل تلك المرات التي تعلمت فيها منك كيف يمكن للدأب والمبدئية والدهاء السياسي القائم على مبادئ إنسانية وحقوقية أن يحقق بعض الإنجازات في عالمنا البعيد كثيرا عما كنا نحلم له ان يكون.
أتمنى أن يكون لدي ما يكفي من الصبر والشغف، والوقت، كي اكتب يوما عن كيف ساهمت كل هاته النساء ممن ذكرتهن وممن لم اذكرهم، في جعلي رجلا أفضل، انسانا أفضل، وساعتها سأهديه لابنتي تاليا التي لا تعرف الآن كم انها رغم سنواتها القليلة علمتني الكثير بدورها.
أول مارس — بعد اخد ورد حوالين عنوان الفندق مع سائق التاكسي المبتسم المتعاون، سألته من أين انت، فرد: “أفغانستان”. ومنين هناك يا عم السادات (السواق اسمه محمد السادات) قال لي من غزني. فاستعرضت معلوماتي وقلت له: انا شفت منارة غزني الشهيرة، فوجم الرجل قليلا ثم قال: انا عمري ما رحت افغانستان. أبويا هرب من الحرب الاهلية في الثمانينيات وانا اتولدت في ايران وعشت واتجوزت هناك لغاية ما الايرانيين فجأة طردوني انا وشوية افغان في ٢٠١٣، فدفعت فلوس لمهرب ضرب لي فيزا انا ومراتي والولد والبنت وطلعنا على ماليزيا ومن هناك اخذنا مركب على اندونيسيا. ضحك وكمل: شفنا الموت بس عدت وهناك طلب الهجرة لامريكا اتقبل بعد ٣ سنين ولكن بعد ما استلمته ترامب وصل الحكم فالهجرة وقفت لغاية ما مشي ووصلت كاليفورنيا انا والعيال ومراتي في ٢٠٢١ واشتغلت سواق شاحنة لفيت بيها امريكا بس في الشتا بشتغل على تاكسي عشان كمان اكون قريب من الولاد. مستني الجرين كارد عشان اروح اشوف امي في ايران، صحتها مش كويسة. وبفكر اخش في المقاولات.
وبين كل اجابة واخرى كان يسألني عن افغانستان وارد عليه، وفي الاخر قال لي: اصعب حاجة في الغربة اول سنة وانت ما تعرفش حد خالص تحكي له وتحكي معاه وما انتش عارف الحاجات بتتعمل ازاي. صعب جدا تحكي مع حد عن بلدك وخصوصا لو انت اصلا عمرك ما رحتها. ثم ضحكنا نحن الاثنين ونحن نتوقف امام الفندق.
١٦ فبراير — قال العظيم محمود درويش: حنيني يصوبني قاتلا أو قتيلا” .ولكني لم أعد احب هذا النوع من الحنين المريض واتعامل مع شعر #درويش الغنائي والرومانسي القديم بحرص، وافضل التشوّق والتطلع للمستقبل والعمل من اجله كي أُصوب عاشقا او شغوفا بالقادم وفاهما لما مضى.، أو هكذا اتمنى.
١٦ فبراير — بصفتي مهتم جدا بالذكاء الاصطناعي والخوارزميات فأنا على عكس ناس كتير ارى فوائدها على السوشيال ميديا مع معرفتي لبعض مضارها، ولكنها الان صارت تزعجني صباح كل يوم وهي تهديني طائفة من اخبار موت ورحيل كل من يمت بصلة لاصدقائي حتى الذين لا اتواصل معهم عادة! هكذا تعمل الخوارزميات: يقدم الواحد واجب العزاء الافتراضي عدة مرات، فيهديه فيسبوك أو أي منصة أخرى اكثر واكثر مما ابديى الاهتمام به، أو أبدى به اصدقاؤه الاهتمام.
طبعا كان يبقى لطيف لو الواحد بيبدي اهتمام اكثر بحفلات الزفاف والفرح، ولكن هذا شحيح في منطقتنا كما أن الواحد وصل مرحلة من العمر يكثر فيها رحيل جيل الاباء والامهات او من تبقى منهم، ولكن الخوارزميات تضاعف هذا مرات ومرات، وهكذا صرت اشعر انني ابدأ صباح كل يوم على قهوة المعاشات في القاهرة اطالع صفحات وفيات جريدة الاهرام مع فنجان قهوة سادة.
١٤ فبراير — رفضت وزارة الخارجية الامريكية تعيين قنصل أو سفير لها في السعودية منذ إنشاء المملكة في ١٩٢٣ وحتى بدايات الحرب العالمية الثانية في أواخر ١٩٣٩ عندما كلفت سفيرها في القاهرة بيرت فيش أن يمثلها في الرياض، إضافة لعمله الأساسي في مصر، وذلك خوفا من تقارب الماني سعودي مزعوم وايضا لان السعودية صارت تنتج خمسة ملايين برميل نفط سنويا تسيطر عليها شركة امريكية وتستورد امريكا حوالي ١٤٪ منها سنويا. لم يزر فيش السعودية سوى مرة واحدة. والان بعد ٨٥ عاما تقريبا انقلبت الاوضاع تماما (اقصد اهمية الرياض والقاهرة النسبية على صعيد المنطقة والعالم والسياسة الخارجية الامريكية).
١٤ فبراير — قبل أن يصمم تمثال الحرية الذي يراه المقبل على نيويورك جوا وبحرا، عرض النحات الفرنسي فريدريك اوجست بارتولدي التصميم الاصلي في ستينيات القرن ١٩ على فرديناند ديليسيبس (المغامر الفرنسي الذي اقنع خديوي مصر بحفر قناة السويس) ليوضع في مدخل القناة في بورسعيد مكتوبا عليه “مصر تحضر النور إلى آسيا”، ولكن الفكرة ماتت، بل وأعتم الضوء ذاته ..
١٣ فبراير — مبارك، الله يحاسبه، كان جاهل أو مغرض أو الاتنين في الأغلب. قبل ما يتعزل بعدة ساعات عمل المكالمة الوحيدة التي فضحها حلفاؤه المقربون، وكانت لصديقه عضو الكنيست والوزير السابق بنيامين اليعازر. والسياسي الاسرائيلي مكدبش خبر وراح نقل الكلام للتلفزيون الاسرائيلي وقال ان المكالمة استمرت ٢٠ دقيقة. مبارك شكله شتم الامريكان جامد وفقا لبن اليعازر وقال انهم خربوا الدنيا في موضوع الديمقراطية بدليل دعمهم للديمقراطية في ايران وفي غزة. أمريكا عملت ديمقراطية في إيران يا جاهل يا جهول! طبعا هو كلم اليعازر عشان الاسرائيليين يساعدوه في واشنطن لكن الوقت كان اتأخر ولو ان النظام الاسرائيلي استمر داعما للنظام و “الاستقرار” المصري، لكن عصر مبارك كان قد انتهى!
التصريحات كلها في تقرير لرويتر هنا بتاريخ ١١ فبراير الساعة ٩ م وبعد ما انتبهت له الصحافة المصرية اشارت للاتصال صحيفة المصري اليوم بتاريخ ١٣ فبراير.
١٢ فبراير — اعتقلت اجهزة الأمن التونسية الصديق والخبير الاقتصادي والسياسي خيّام تركي في وقت مبكر من صباح السبت. Khayam Turki واحد من هؤلاء الساسة المحبين لبلادهم والفاهمين لمجالات عملهم والذين يطمئن الواحد بعض الشئ لمستقبل بلادنا عارفا انه عندما ينفتح باب السياسة سيكون هناك رجال ونساء مثل خيّام وأمثاله في تونس ومصر وكل بلاد المنطقة المنكوبة بنظم ديكتاتورية أو حروب أهلية. وهم من سنعوّل عليهم في استنقاذ ما يمكن وأعادة البناء. سيخرج خيّام من الحبس وسيخرج قيس من السلطة ونتمنى أن يكون كل هذا قريبا، وأن ينفتح باب السياسة وتركز الاجهزة الأمنية في بلادنا على عملها الحقيقي في حفظ أمن الناس وليس النظام. #سيب_خيام
أول فبراير — عن الهري والبيض وسياسات مصر الاقتصادية:
“وقف أمام كومة من أطباق البيض البني، والأبيض، والطبيعي، والبلدي، وغيرها من التنويعات المتراصة فوق طاولة عريضة في سوبر ماركت ضخم في ضواحي المدينة العربية التي يقيم بها. التقط صورة أو اثنتين توضحان الأسعار مقررًا أن يشارك في “الترند” المشتعل على السوشيال ميديا في مصر بشأن أسعار البيض.
حسبها على تطبيق الموبايل: ثلاثة دنانير لكرتونة البيض يعني عشر فلسات للبيضة الواحدة، مضروبًا في سعر التحويل يعني البيضة بأكثر من أربع جنيهات مصرية. حان وقت أن يفتح فيسبوك أو انستجرام ويشارك صورة البيض التي التقطها، ثم يكتب التعليق التالي “حرام عليكم مصر، البيضة هنا بأربعة جنيه ولسة عندكم بتلاتة”. وهكذا كان يمكن له أن ينضم للأستاذ عادل في الرياض، ومستر بيتر في باريس، ومدام سناء في دبي، وغيرهم من المستائين من شكوى أبناء وطنهم في مصر من ارتفاع الأسعار.”
واصل القراءة على موقعي هنا
٣٠ يناير — نواصل مع الروائي التشيكي العظيم بوهوميل هرابال، وبعدها نقرأ له “خدمت ملك انجلترا” ثم “مخاوف مطلقة” قبل ان ننتقل الى مواطنه ايڤان كليما
٢٦ يناير — بالصدفة مع افتتاح معرض القاهرة للكتاب انجذبت لهذه الرواية القصيرة العبقرية للكاتب التشيكي بوهوميل هرابال، “عزلة شديدة الصخب”، حيث يحكي لنا البطل عن ٣٥ عاما قضاها في كبس وتحويل الكتب الى بالات ورقية لاعادة تدويرها، من هومر لجوتة ومن نيتشة للاو تسي، ومن ورق لف اللحمة لورق اشعار هولدرلين. كيف كتب هرابال كل هذا الجمال في ظل حكم شيوعي قاس اجبره على الاعتذار عن بعض افكاره علنا من اجل أن تُطبع كتبه، مما ربما دفعه، فيما يُقال، للانتحار في ١٩٩٧ بسبب شعوره بالخزي والذنب!؟
٢٤ يناير — لمحبي #الاسكندرية وكورنيشها و #التحليل_النفسي
شفت فيلم قصير (٢٥ دقيقة) عن المحلل النفسي المصري مصطفى صفوان اللي عاش نحو مائة عام لغاية ما توفى في باريس سنة ٢٠٢٠. صفوان ولد ودرس في جامعة الاسكندرية ثم غادر لباريس في منتصف الاربعينيات حيث تتلمذ على يد المحلل النفسي الفرنسي الشهير جاك لاكان. مارس الرجل التحليل النفسي عقودا طويلة والف وترجم العديد من الكتب.
قابلت صفوان مرتين في حياتي، أخرهما في مستشفى القصر العيني في عام ٢٠٠٦ في غرفة المرض الاخير للصحفي الراحل محمد عودة، وكان من اصدقائه المقربين. واتذكر ساعتها كيف تبادلنا النكات حول واقعنا السياسي المرير انذاك.
ذكرياته عن الاسكندرية والجامعة في الفيلم تستاهل المشاهدة، ورغم إن الفيلم نفسه متصور من ٧ سنين لكن للاسف مشاهد الكورنيش والمدينة اللي فيه بقت في خبر كان بعد عملية التطوير الساحق الماحق المدمر اللي تعرضت له المدينة
٢١ يناير — مجلس شيوخ مصر يناقش مقترح تشييد مقبرة ضخمة للعظماء. فكرة هايلة لان المقبرة دي ح تكون مؤشر مهم على امكانيات التقدم السياسي والاجتماعي في مصر. وأعني إنه كل ما المقبرة (لو عملوها) تمتلىء بالعظماء اللي كاتمين على نفس البلد سيزيد الأمل ان الناس العاديين العاقلين يحاولوا يلاقوا حلول طبيعية “مش عظيمة”، حلول فعالة “مش خرافية”، حلول انسانية “ومش ايقونية” لمشاكلنا المتفاقمة. وليرحم الله الجميع.
٢٠ يناير — والعجائز أمام نار المدفأة يعيدون قراءة “الزيني بركات” لربما يفهمون أو يشعرون أفضل بجذور وتشعبات ثقافة القمع والتسلط والمماليك، أيامها والآن.
١٤ يناير — سمعت عن رواية “حفلة التيس” التي نشرها ماريو بارغاس يوسا بالاسبانية منذ اوائل الالفينات وصار اصدقاء كثر يقترحونها بعد ترجمة صالح علماني لها للعربية. ولكنها رواية صخمة ويُخشى على قارئها من الدخول في كل تفاصيل التعذيب والوضاعة البشرية.
ولكن من فوائد نزلات البرد الحادة ان الواحد ممكن يغرق في رواية تقترب من ٦٠٠ صفحة كما ان السعال المستمر والحمى تسمحان له بتقاسم معاناة الاخرين والقراءة عما يمكن ان يفعله نظام ديكتاتوري بالناس وخاصة بين كبار المسؤولين والمساعدين والزبانية والسياسيين ورجال الأمن والصحفيين، وما يمكن ان يتخلوا عنه، خوفا وطمعا، من اجل البقاء في دوائر الرضا السامي لنظام يقتات على الوضاعة البشرية والاذلال والمهانة والجنون الهستيري.
اهم واخطر مما قد يفعله نظام ديكتاتوري باقتصاد بلد (مثل الدمار الذي الحقه الجنرال بينوشيه ب شيلي) هو ما يفعله بالمجتمع والسياسة والبشر … ويقدم الكاتب البيروڤي بارجاس يوسا تحليلا عميقا في هذا مستعملا جمهورية الدومينيكان كخلفية. واضافة فالرواية تحليل نفسي واجتماعي بديع عن السلطة والهوس والعنصرية والذكورية والعنف، ومقاومة كل هذا بافعال بسيطة ولكنها غاية في الشجاعة.
١٢ يناير — “لم أتوقف عن الكتابة منذ الثمانينيات، ولا عن القراءة. نحن لا نكتب عن الحياة فحسب، بل عن الكتب، بل إنَّ كثيرًا من هذه الكتب والنصوص التي مرت بنا، وكذا الأفلام والأعمال الفنية والمسموعات وهي كلها نصوص بمعنى ما، تشكل ما يصل لنا من خبراتنا الحياتية المباشرة.”
هذه فقرة من مقالة نشرتها عن مصير الكتاب والكتابة في مصر في الاسبوع الماضي في موقع المنصة المحجوب (محجوب طبعا خوفا على شباب مصر من الهرى:) وهي الان متوفرة على موقعي على هذا الرابط