أوضاع فيسبوكية: هل يستمر ضبط النفس طويلا عند المتظاهرين في #الخرطوم بينما يمارس العسكر (نظاميون وميليشيات، بشيريون وابناء المؤسسة) السياسة كما يفهمونها وفي ابسط صورها: القوة المحضة والعنف. سيقول لنا متنطعون فيما بعد: كان خطأ الثوريين هو اللجوء الى العنف! ألم يتعلم أهل #السودان من سوريا ماذا يحدث إذا عسْكَرت الثورة؟ وينسي المتفذلكون ان العسكر هم من يعسكرون الثورة بشكل اساسي لانهم لا يعرفون سوى لغة التخاطب هذه ويدركون ان سيطرة لغة العنف تعني انتصارهم او خروج الجميع منهزمين (الشعار الخالد مفيد هنا: الأسد أونحرق البلد). السلمية لغة مثل أي لغة تحتاج الى أن يعرف ابجدياتها كل الاطراف المعنية وإلا صار الحوار من طرف واحد يتخيل فيه صاحب المونولوج انه، ان شاء الله، سيكون هناك ديالوج. والسلمية، بمعنى عدم استخدام السلاح او اللجوء لعنف بدني مفرط، لا تمنع بالطبع اجراءات قوية مؤثرة مثل الاضراب العام والعصيان والتي تظهر لاصحاب البنادق مدى قدرة المحتجين والمتظاهرين وان المجتمع يقف ورائهم. ولكن، مرة اخرى، اذا اصر مالك البندقية على المضي قدما بالرصاص ولم يكن لدى جنوده شعور كاف بالخوف او المسؤولية أو الخجل حيال تكويناتهم المجتمعية، فعندها ايضا تفشل السلمية.
السلمية في السياسة تعني ان المجتمع صار عبر الوقت خاضعا لاتفاقات غير مكتوبة تعلو فوق البندقية والعصا ولكنها في معظم الاحيان اتفاقات جاءت بعد صراعات سادت فيها لغة العنف ووصلت الى نظام سائد او مهيمن جديد. ولذا، ولاسباب اخرى، عبرت تونس الى ضفة اخرى بينما عادت مصر للضفة التي قفزت منها. دون عنف لا تمر معظم التغييرات الضخمة في التاريخ ولكن بالعنف لا يمكن ابدا السيطرة على مسارات التغيير بشكل معقول والادعاء بان الثمن، الدم المراق، كان يستحق ما حدث. وطبعا كما نعرف كلنا فان لا احد يسيطر على زر الثورة وان اللي ايده في الميه مش زي اللي ايده في النار وان الطريق الى جهنم معبد باصحاب اليقين والنوايا الحسنة وحاملي السلاح الذكور الراغبين في “استعادة” هدوء واستقرار كان هو ذاته ونفسه مسؤولا بسبب الصمت والركود الناتجين عن الثورة الحاصلة.